للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مخزنا لبيع الفحم وَاتخذ أعوانه مِمَّن يعيشون من أكل أَمْوَال الْأَوْقَاف سِلَاحا للمدافعة عَنْهَا ليعينهم هُوَ وشيعته على المدافعة عَمَّا اختلسوه من الْأَوْقَاف {إِن رَبك لبالمرصاد} آيَة ٨٩ / ١٤ {وَلَا تحسبن الله غافلا عَمَّا يعْمل الظَّالِمُونَ} آيَة ١٤ / ٤٢

تَرْجَمَة بانيها

قد علم مِمَّا تقدم أَن باني الْمدرسَة هُوَ الْملك الْعَادِل سيف الدّين أَبُو بكر مُحَمَّد ابْن الْأَمِير نجم الدّين أَيُّوب بن شاذي ولد ببعلبك أَيَّام ولَايَة أَبِيه عَلَيْهَا وَنَشَأ فِي خدمَة نور الدّين مَعَ أَبِيه وَكَانَ أَخُوهُ صَلَاح الدّين يستشيره ويعتمد عَلَيْهِ وعَلى رَأْيه وعقله ودهائه وَلم يكن أحد يتَقَدَّم عَلَيْهِ عِنْده وَلما تسلطن صَلَاح الدّين اسْتخْلف أَخَاهُ الْعَادِل بِمصْر ثِقَة بِهِ واعتمادا عَلَيْهِ وعلما بِمَا هُوَ عَلَيْهِ من توفر الْعقل وَحسن السِّيرَة فَلَمَّا توفّي صَلَاح الدّين ملك دمشق وَبَقِي مَالِكًا لَهَا وَفِي سنة أَربع عشرَة وسِتمِائَة قَامَ الإفرنج لمحاربته فقصد هُوَ مرج الصفر فَلَمَّا سَار الإفرنج إِلَى ديار مصر انْتقل إِلَى عالقين فَأَقَامَ بهَا وَمرض إِلَى أَن توفّي سنة خمس عشرَة وسِتمِائَة وَدفن بتربته فِي مدرسة العادلية وَكَانَ على مَا حَكَاهُ فِي تَرْجَمته ابْن الْأَثِير فِي الْكَامِل عَاقِلا ذَا رَأْي سديد ومكر شَدِيد وخديعة صبورا حَلِيمًا ذَا أَنَاة يسمع مَا يكره ويغض عَلَيْهِ حَتَّى كَأَنَّهُ لَا يسمعهُ كثير الْحَرج وَقت الْحَاجة لَا يقف فِي شَيْء وَإِذا لم تكن حَاجَة فَلَا وعاش خمْسا وَسبعين سنة وشهورا وَملك دمشق سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة ومصر سنة سِتّ وَتِسْعين وَكَانَ قد قسم فِي حَيَاته الْبِلَاد بَين أَوْلَاده فَجعل بِمصْر الْكَامِل مُحَمَّدًا وبدمشق والقدس وطبرية والأردن والكرك وَغَيرهَا من الْحُصُون الْمُجَاورَة لَهَا ابْنه الْمُعظم عِيسَى وَجعل بعض ديار الجزيرة وميافارقين وخلاط وأعمالها لِابْنِهِ الْملك الْأَشْرَف مُوسَى وَأعْطى الرها لوَلَده شهَاب الدّين غَازِي وَأعْطى قلعة جعير لوَلَده الْحَافِظ أرسلان شاه فَلَمَّا توفّي ثَبت كل مِنْهُم فِي مَمْلَكَته وَاتَّفَقُوا اتِّفَاقًا حسنا وَلم يجر بَينهم من الِاخْتِلَاف مَا كَانَ يجْرِي بَين أَوْلَاد الْمُلُوك بعد آبَائِهِم بل كَانُوا كالنفس الْوَاحِدَة كل مِنْهُم يَثِق بِالْآخرِ ويحضر عِنْده مُنْفَردا من عسكره وَلَا يخافه فَلَا جرم زَاد ملكهم وَرَأَوا من نَفاذ الحكم وَالْأَمر مَا لم يره أبوهم وَسَتَأْتِي زِيَادَة على هَذَا عِنْد الْكَلَام على التربة العادلية وَفِي الْقسم السياسي من هَذَا الْكتاب

<<  <   >  >>