للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَسَببه على مَا رَوَاهُ ابْن الْأَثِير فِي الْكَامِل أَنه لما فتح الْمُسلمُونَ الْبَيْت الْمُقَدّس أَيَّام صَلَاح الدّين وَكَانَ ابْن الْمُقدم مَعَ العساكر طلب من السُّلْطَان الاذن بِالْحَجِّ وَالْإِحْرَام من الْقُدس ليجمع بَين الْجِهَاد وَالْحج وزيارة سيدنَا إِبْرَاهِيم الْخَلِيل وزيارة سيد الْمُرْسلين فَأذن لَهُ بذلك وَكَانَ قد اجْتمع فِي تِلْكَ السّنة فِي الشَّام من حجاجها وحجاج الْبِلَاد وَالْعراق والموصل والجزيرة وخلاط وبلاد الرّوم وَغَيرهَا خلق كثير فَجعل السُّلْطَان الْأَمِير عَلَيْهِم المترجم فَسَار بهم حَتَّى أوصلهم سَالِمين إِلَى عَرَفَات وَلما كَانَت عَشِيَّة عَرَفَة تجهز هُوَ وَأَصْحَابه ليسيروا من عَرَفَات فَأمر بِضَرْب كؤوساته الَّتِي هِيَ عَلامَة الرحيل فضربها أَصْحَابه فَسَمعَهَا أَمِير الْحَاج الْعِرَاقِيّ مجير الدّين طاشتكين فَنَهَاهُ عَن الْإِفَاضَة من عَرَفَات قبله وَأمره بِأَن يكف أَصْحَابه عَن ضرب الكؤوسات فَأرْسل إِلَيْهِ يَقُول أَنِّي لَيْسَ لي مَعَك تعلق أَنْت أَمِير الْحَاج الْعِرَاقِيّ وَأَنا أَمِير الْحَاج الشَّامي وكل منا يفعل مَا يرَاهُ ويختاره ثمَّ سَار وَلم يقف وَلم يسمع قَوْله فَلَمَّا رأى طاشتكين إصراره على مُخَالفَته ركب فِي أَصْحَابه وأجناده وَتَبعهُ من غوغاء الْحَاج الْعِرَاقِيّ وبطاطيهم وطماعتهم الْعَالم الْكثير والجم الْغَفِير وقصدوا الْحَاج الشَّامي مهولين عَلَيْهِم فَلَمَّا قربوا مِنْهُم خرج الْأَمر عَن الضَّبْط وعجزوا عَن تلافيه فهجم أهل الْعرَاق على الركب الشَّامي وَقتلُوا وفتكوا ونهبوا وَسبوا النِّسَاء إِلَّا أَنَّهُنَّ رددن بعد ذَلِك وجرح ابْن الْمُقدم عدَّة جروح وَكَانَ يكف أَصْحَابه عَن الْقِتَال وَلَو أذن لَهُم بِهِ لانتصفوا مِنْهُم وَزَادُوا وَلكنه راقب الله وَحُرْمَة الْمَكَان فَلَمَّا اثخن بالجراحات أَخذه طاشتكين إِلَى خيمته وأنزله عِنْده ليمرضه ويستدرك الفارط فِي حَقه وَسَارُوا تِلْكَ اللَّيْلَة من عَرَفَات فَلَمَّا كَانَ الْغَد مَاتَ بمنى وَدفن بمقبرة الْمُعَلَّى ورزق الشَّهَادَة وَذَلِكَ سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة فرحمه الله تَعَالَى

الْمدرسَة المقدمية البرانية

قَالَ فِي تَنْبِيه الطَّالِب هِيَ تجاه الركنية بسفح قاسيون شَرْقي الصالحية انْتهى

أَقُول اخبرني الثِّقَات أَن هُنَاكَ لم تُوجد مدرسة وَيُمكن أَن يكون الزَّمَان قد أخنى عَلَيْهَا فسلمها لأيدي المختلسين فجعلوها كأمثالها دورا للسُّكْنَى

وَقد أنشأ هَذِه الْمدرسَة ابْن الْمُقدم الَّذِي مرت تَرْجَمته سَابِقًا ووقف عَلَيْهَا أزوارا بِأَرْض حماة مَعْرُوفَة

<<  <   >  >>