مَكَانهَا فَرَأَيْت جِيرَانهَا قد اختلسوا أَكْثَرهَا وَبَقِي مِنْهَا بَقِيَّة من جِهَة نهر يزِيد وَتلك الْبَقِيَّة كَانَت سَابِقًا خربة ترمى بهَا الزبالة فَهَيَّأَ الله لَهَا الشَّيْخ إِسْمَاعِيل بن عَليّ التكريتي الصَّالِحِي فعمر تِلْكَ الخربة وَجعل لَهَا مَسْجِدا لطيفا وَعمر الدرج الَّذِي ينزل مِنْهُ إِلَيْهَا ثمَّ إِلَى نهر يزِيد بِالْحجرِ فَكَانَ النَّهر تَحت مَسْجِدهَا ينزل إِلَيْهِ المصلون من طرف الْمَسْجِد من الشرق فيتوضؤون مِنْهُ وَجعل لَهَا صحنا لطيفا وبجانبه مطبخ وَعمر بالعلو من الْجَانِب الغربي والشمالي ثَمَانِي غرف واعدها لسكنى الْفُقَرَاء الَّذين لَا مأوى لَهُم وجدد بَابهَا وَكتب فَوق اسكفته
(مدرسة ذِي عمرت ... من بعد مَا قد دثرت)
(انْعمْ بِإِسْمَاعِيل من ... شيدها فظهرت)
(ابْن عَليّ التكريتي من ... يوجر مَا قد بقيت)
(شاد لَان يبْقى لَهُ ... آجر مدى أَن نَفَعت)
(أعطَاهُ رَبِّي أَرخُوا ... آجرا ببره ثَبت)
(دعى فارخ الَّذِي ... حبى بجنة علت)
فتاريخ بنائها سنة سِتّ عشرَة وثلاثمائة وَألف فجزى الله مجددها خيرا وَاسْمهَا الْآن الخانقاه وَقَالَ النعيمي بعد أَن حكى مَا نَقَلْنَاهُ عَنهُ سَابِقًا وَلم اقف على أحد مِمَّن ولي مشيختها
تَرْجَمَة واقفها
هُوَ الصاحب عز الدّين أَبُو الْمَعَالِي اِسْعَدْ ابْن عز الدّين غَالب بن المظفر ابْن الْوَزير مؤيد الدّين أبي الْمَعَالِي اِسْعَدْ ابْن العضيد أبي يعلى حَمْزَة بن أَسد بن عَليّ بن مُحَمَّد التَّمِيمِي الدِّمَشْقِي الشهير بِابْن القلانسي أحد رُؤَسَاء دمشق الْكِبَار ولد سنة تسع وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة واسمعه
قَالَ ابْن كثير سمعنَا عَلَيْهِ وَله رياسة باذخة وأصالة كَبِيرَة وأملاك هائلة كَافِيَة لما يحْتَاج إِلَيْهِ من أُمُور الدُّنْيَا وَلم تزل صناعَة الْوَظَائِف مَعَه إِلَى أَن الزم بوكالة بَيت السُّلْطَان ثمَّ بالوزارة فِي سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة ثمَّ عزل وَقد صودر فِي بعض الأحيان وَكَانَت لَهُ مَكَارِم على الْخَواص والكبار وَله حَسَنَات على الْفُقَرَاء وعَلى