للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمدرسَة الظَّاهِرِيَّة الجوانية

دَاخل بَابي الْفرج والفراديس بَينهمَا جوَار الْجَامِع وشمالي بَاب الْبَرِيد وقبلي الاقباليتين والجاروخية وشرقي العادلية الْكُبْرَى باباهما متواجهان يفصل بَينهمَا الطَّرِيق كَانَت دَارا للعقيقي فاشتراها من تركته أَيُّوب وَالِد صَلَاح الدّين فَكَانَت دارة

قَالَ ابْن كثير وَفِي سنة سِتّ وَسبعين وسِتمِائَة شرع فِي بِنَاء الدَّار الَّتِي تعرف بدار العقيقي تجاه العادلية لتجعل مدرسة وتربة للْملك الظَّاهِر وَلم تكن من قبل إِلَّا دَارا للعقيقي وَهِي الْمُجَاورَة لحمام العقيقي وَأسسَ أساس التربة فِي خَامِس جُمَادَى الْآخِرَة وأسست الْمدرسَة أَيْضا وَجعلت على الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيَّة

وَفِي كَلَام ابْن شُهْبَة مَا يُشِير إِلَى أَن الْملك الظَّاهِر بيبرس هُوَ الَّذِي أَنْشَأَهَا وَجعلهَا دَار حَدِيث ومدرسة وَهُوَ مُخَالف لما ذكره فِي آخر كَلَامه فانه قَالَ أَن هَذِه الْمدرسَة إنْشَاء الْملك السعيد ابْن الْملك الظَّاهِر أَنْشَأَهَا بعد موت أَبِيه بيبرس بعد أَن سمع خبر موت أَبِيه وَكَانَ قد تقدم مَوته وَبَقِي مُدَّة بقلعه دمشق إِلَى أَن حضر السعيد إِلَى دمشق فَاشْترى دَار العقيقي ثمَّ انشأ التربة فَبين أول كَلَامه وَآخره مُخَالفَة وَالَّذِي يظْهر أَن الْبَانِي لَهَا السعيد لَا أَبوهُ وَكَانَ بناؤها سنة تسعين وسِتمِائَة وَقد درس بهَا جمَاعَة من الْفُضَلَاء مِنْهُم اليونيني وَأَبُو حَفْص عمر الفارقي الدِّمَشْقِي وعلاء الدّين ابْن بنت الاعز ثمَّ الصفي الْهِنْدِيّ ثمَّ ابْن الزملكاني ثمَّ الْجمال القلانسي ثمَّ ابْن قَاضِي الزبداني ثمَّ مُحَمَّد بن الشَّهِيد ثمَّ أفاضل يطول تعدادهم

أَقُول أَن هَذِه الْمدرسَة بَاقِيَة إِلَى الْآن وَهِي مَشْهُورَة مَعْرُوفَة وبابها بِنَاؤُه من الْعَجَائِب يدْخل مِنْهُ إِلَى ساحتها فَيكون عَن يَمِين الدَّاخِل التربة الظَّاهِرِيَّة وَهِي فِي قبَّة شاهقة فِي الْهَوَاء وجدرانها من الرخام الْأَبْيَض وَالْأسود مزخرفة بالفسيفساء وَفِي سنة سِتّ وَعشْرين وثلاثمائة وَألف غيرت بلاطتها وبركتها الْكَبِيرَة وأبدل ذَلِك بطراز لطيف وَبِالْجُمْلَةِ فَلم يبْق فِي داخلها من الْبناء الأول إِلَّا الْجِهَة الْقبلية وَأما الْبَاقِي فقد غير وَجعل مدرسة لصغار الطّلبَة سميت باسم نموذج الترقي وَفِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَألف كَانَ المرحوم مدحت باشا واليا على سورية فاهتم بإنشاء الْمكَاتب ثمَّ علم أَن دمشق كَانَ بهَا مَا لَا يعد من خَزَائِن الْكتب الْمَوْقُوفَة على المشتغلين بِالْعلمِ فمدت إِلَيْهَا أَيدي المختلسين بالنهب وَالْبيع حَتَّى لم يبْق مها إِلَّا النّذر الْقَلِيل فخاف على

<<  <   >  >>