هِيَ مَوْجُودَة بالصالحية مَشْهُورَة معمورة الجدران لاظل للْعلم فِيهَا وَلَا أثر يسكنهَا قوم من ذَوي المتربة ويمر بهَا نهر يزِيد وداخلها مدرسة لَطِيفَة وَبِهِمَا مَا يقرب من تسعين خلْوَة وَقد كَانَ بهَا خزانَة كتب لَا نَظِير لَهَا فلعبت بهَا أَيدي المختلسين الى أَن أَتَى بعض الطّلبَة النجديين فَسرق مِنْهَا خَمْسَة أحمال جمل من الْكتب وفر بهَا ثمَّ نقل مَا بَقِي وَهُوَ شَيْء لَا يذكر بِالنِّسْبَةِ لما كَانَ بهَا الى خزانَة الْكتب فِي قبَّة الْملك الظَّاهِر فِي مدرسته وَكَذَلِكَ لعبت أَيدي المختلسين فِي أوقافها فابتلعوها هَذِه حالتها الْيَوْم
وَأما حالتها فِي أبان صباها وشبابها فَقَالَ عز الدّين هِيَ بِالْجَبَلِ فِي وسط دير الْحَنَابِلَة وَقَالَ ابْن كثير وقف عَلَيْهَا سيف الدّين بكتمر درسا وَقَالَ ابْن الزملكاني ان احْمَد بن زُرَيْق الْمَعْرُوف بِابْن الدِّيوَان وسع مدرسة أبي عمر من الْجِهَة الشرقية وَيُمكن أَن تكون هِيَ الْمدرسَة الصَّغِيرَة داخلها انْتهى
وَعمر نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن منجك الْجَانِب الشَّرْقِي من الْمدرسَة فجَاء فِي غَايَة الْحسن قَالَ الشَّيْخ جمال الدّين بن عبد الْهَادِي هَذِه الْمدرسَة عَظِيمَة لم يكن فِي بِلَاد الاسلام أعظم مِنْهَا وَالشَّيْخ أَبُو عمر بنى بهَا الْمَسْجِد وَعشر خلاوي فَقَط وَقد زَاد النَّاس فِيهَا وَلم يزَالُوا يوقفون عَلَيْهَا من زَمَنهَا الى الْيَوْم قل سنة من السنين تمْضِي إِلَّا وَيصير إِلَيْهَا فِيهَا وقف فوقفها لَا يُمكن حصره فَمن جملَته الْعشْر من الْبِقَاع والمرتب على داريا من الْقَمْح سِتِّينَ غرارة وَمن الدَّرَاهِم خَمْسَة آلَاف للغنم فِي شهر رَمَضَان وَمِمَّا رَأَيْنَاهُ وَسَمعنَا بِهِ من مصالحها الْخبز لكل وَاحِد من المنزلين بهَا رغيفان وَالشَّيْخ الَّذِي يقرئ أَو يدرس ثَلَاثَة وَهُوَ مُسْتَمر طول السّنة والقمصان