هُوَ أَبُو الْفَتْح عُثْمَان ابْن السُّلْطَان صَلَاح الدّين توفّي سنة خمس وَتِسْعين وَخَمْسمِائة بداره بِالْقَاهِرَةِ وَلما مَاتَ وَالِده كَانَ نصِيبه الْقَاهِرَة فملكها خمس سِنِين وَعشرَة اشهر قَالَ موفق الدّين عبد اللَّطِيف الْبَغْدَادِيّ كَانَ الْملك الْعَزِيز شَابًّا حسن الصُّورَة ظريف الشَّمَائِل قَوِيا ذَا بَطش زَائِد وخفة حَرَكَة حييا كَرِيمًا عفيفا عَن الْأَمْوَال والفروج اهـ وَفِي العبر أَن الْعَزِيز لما كَانَ سُلْطَانا على مصر نازعته نَفسه بامتلاك دمشق من أَخِيه الْأَفْضَل فَسَار سنة تسعين وسِتمِائَة فَنزل بنواحي ميدان الْحَصَى فَأرْسل الْأَفْضَل إِلَى عَمه الْعَادِل صَاحب الديار الجزرية يستنجده وَكَانَ يَثِق بِهِ ويعتمد عَلَيْهِ فَسَار الْعَادِل إِلَى دمشق وَمَعَهُ كل من أَصْحَاب حلب وحماه وحمص والموصل علما مِنْهُم أَن الْعَزِيز أَن ملك دمشق اخذ بِلَادهمْ فَلَمَّا رأى الْعَزِيز اجْتِمَاعهم علم انه لَا قدرَة لَهُ على الْبَلَد فترددت الرُّسُل حِينَئِذٍ بِالصُّلْحِ فاستقر الْأَمر على أَن يكون الْبَيْت الْمُقَدّس وَمَا جاوره من أَعمال فلسطين للعزيز وَتبقى دمشق وطبرية وأعمالها الْغَوْر للأفضل على مَا كَانَت عَلَيْهِ وان يُعْطي الْأَفْضَل أَخَاهُ الْملك الظَّاهِر جبلة ولاذقية وان يكون للعادل بِمصْر اقطاعه الأول وَاتَّفَقُوا على ذَلِك وَعَاد كل إِلَى مقره ثمَّ حاصر دمشق مرّة ثَانِيَة فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَعَاد عَنْهَا مُنْهَزِمًا لما ذَكرْنَاهُ فِي الْقسم السياسي وَلما مَاتَ الْعَزِيز أقيم وَلَده على مقَامه ولقب بالمنصور فَاخْتلف الْأُمَرَاء عَلَيْهِ وَلم تنتظم أَحْوَاله وَكَانَ من أمره مَا كَانَ حَتَّى ملك الْعَادِل الْبِلَاد
والمدرسة العزيزية كَانَت ذَات شهرة وافرة درس بهَا القَاضِي مُحي الدّين ابْن الزكي ثمَّ وَلَده ثمَّ أَخُوهُ ثمَّ من بعدهمْ اثْنَا عشر مدرسا مِنْهُم عبد الصَّمد بن مُحَمَّد الشهير بِابْن الحرستاني وَقد كَانَ الْعِزّ بن عبد السَّلَام يرجحه على الْفَخر ابْن عَسَاكِر وَمِنْهُم شيخ الْمُتَكَلِّمين فِي زَمَنه سيف الدّين عَليّ آلامدي درس بالعزيزية مُدَّة بتوليه من الْملك الْمُعظم وَلما ولي أَخُوهُ الْأَشْرَف مُوسَى عَزله عَن التدريس لِأَنَّهُ اتهمه بالفلسفة وبالاشتغال بعلوم الْأَوَائِل ونادى الْأَشْرَف فِي الْمدَارِس قَائِلا من ذكر غير التَّفْسِير وَالْفِقْه أَو تعرض لكَلَام الفلاسفة نفيته فَأَقَامَ آلامدي خامدا خاملا فِي بَيته إِلَى أَن توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة