الْمُسَمّى بِمَسْجِد نَاصِر الدّين غزلى الْمدرسَة العمرية يفصل بَينهمَا الطَّرِيق وَهِي صَغِيرَة بِالنِّسْبَةِ الى العمرية ومرتب فِيهَا عشرُون من الطّلبَة والدير الْمَذْكُور يعرف بدير الْحَنَابِلَة أَيْضا وَعَلِيهِ أوقاف مِنْهَا قَرْيَة الهامة فَقيل انها وقف على الدَّيْر وَقيل على أَهله من الْحَنَابِلَة وَعَلِيهِ غير ذَلِك والمصنع الْمَذْكُور قبلي الدَّيْر يفصل بَينهمَا النَّهر وَالْحَاصِل ان باني الْمدرسَة هُوَ ابو عمر
الشَّيْخ ابو عمر
هُوَ مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن قدامَة بن مِقْدَام بن نصر الجماعيلي الْمَقْدِسِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي ولد سنة ثَمَان وَعشْرين وَخَمْسمِائة بجماعيل ثمَّ هَاجر بِهِ وَالِده وبأخيه الْمُوفق وبأهليهم الى دمشق لاستيلاء الافرنج على الأَرْض المقدسة فنزلوا بِمَسْجِد ابي صَالح ظَاهر بَاب شَرْقي فأقاموا بِهِ نَحوا من سنتَيْن ثمَّ انتقلوا مِنْهُ الى سفح الْجَبَل وَلَيْسَ بِهِ من الْعِمَارَة سوى دير الحوراني قَالَ ابو عمر فَقَالَ النَّاس الصالحية الصالحية ينسبوننا الى مَسْجِد ابي صَالح لأننا صَالِحُونَ ذكره ابْن رَجَب وَابْن مُفْلِح ثمَّ أَن ابا عمر حفظ الْقُرْآن وقرأه بِحرف ابي عَمْرو واعتنى بِالْحَدِيثِ ورحل لأَجله الى مصر وَحفظ مُخْتَصر الْخرقِيّ وتفقه فِي مَذْهَب احْمَد وَأخذ النَّحْو عَن ابْن بري صَاحب حَوَاشِي الصِّحَاح وَكَانَ سريع الْكِتَابَة رُبمَا كتب فِي الْيَوْم كراسين بِالْقطعِ الْكَبِير وَكتب الْحِلْية لابي نعيم وَتَفْسِير الْبَغَوِيّ وَالْمُغني لِأَخِيهِ الْمُوفق والابانة لِابْنِ بطة وَكتب مصاحف كَثِيرَة لأَهله وَكتب الْخرقِيّ للنَّاس وَالْكل بِغَيْر أُجْرَة فَانْظُر الى هَذِه الهمة والغيرة على الْعلم وَكَانَ لَهُ معرفَة فِي الْفِقْه والفرائض والنحو مَعَ الزّهْد وَالْعَمَل وَقَضَاء حوائج النَّاس وترجمه ابْن رَجَب بترجمة مُطَوَّلَة كلهَا ثَنَاء وَذكر مَنَاقِب وَقَالَ سبط ابْن الْجَوْزِيّ كَانَ المترجم على مَذْهَب السّلف الصَّالح حسن العقيدة متمسكا بِالْكتاب وَالسّنة والْآثَار المروية ويمرها كَمَا جَاءَت من غير طعن على أَئِمَّة الدّين وعلماء الْمُسلمين قَالَ وأنشدنا لنَفسِهِ نفعنا الله ببركاته
(أوصيكم فِي القَوْل بِالْقُرْآنِ ... بقول أهل الْحق والايقان)
(لَيْسَ بمخلوق وَلَا بفان ... لَكِن كَلَام الْملك الديَّان)
(آيَاته مشرقة الْمعَانِي ... متلوة فِي اللَّفْظ بِاللِّسَانِ)
(مَحْفُوظَة فِي الصَّدْر والجنان ... مَكْتُوبَة فِي الصُّحُف بالبنان)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute