للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأول من درس بهَا القَاضِي جمال الدّين الْمصْرِيّ وَكَانَ درسا عَظِيما حضر عِنْده السُّلْطَان الْمُعظم فَجَلَسَ فِي الصَّدْر عَن شمال الْمدرس وَجلسَ الْجلَال الحصري عَن يَمِينه ثمَّ انتظم الْجمع من مثل ابْن الصّلاح والأمدي وَابْن سني الدولة وَكثير من الْعلمَاء والأمراء والكبراء حَتَّى امْتَلَأَ الإيوان بِالنَّاسِ وَكَانَت هَذِه عَادَة الدُّرُوس الرسمية فِي تِلْكَ الْأَزْمَان وَكَانَت المناقشات والمناظرات تَدور على أُصُولهَا ويشتد الْخلاف بَين الْفرق وَقد بقيت بَقِيَّة من تِلْكَ الْعَادة إِلَى زمننا هَذَا وَلَكِن صَار التدريس اسْما بِلَا جسم وجهلا بِلَا علم فَلَا مناقشات وَلَا مناظرات بل غَايَة أَمر الْمدرس أَن يسْتَأْجر من يؤلف لَهُ الدَّرْس ثمَّ يسرده وَلَا يفهم معنى مَا يَقُول وَفِي تَرْجَمَة ابْن خلكان انه قَرَأَ صَحِيح البُخَارِيّ فِي العادلية وَكَانَ يحضر كثير من الْعلمَاء مِنْهُم جمال الدّين ابْن مَالك فَإِذا وجدت جملَة مشكلة من جِهَة الْأَعْرَاب تكلم فِيهَا وكتبها حَتَّى أكمل كِتَابه فِي إِعْرَاب مُشكل البُخَارِيّ وَهُوَ كتاب عَظِيم الْفَائِدَة

وَحكى ابْن كثير فِي تَارِيخه إِن العادلية خربَتْ سنة أَربع وَسَبْعمائة وَيظْهر من كَلَامه أَنَّهَا كَانَت قبلهَا معطلة وَلم يكن أحد يحكم بهَا بعد وَاقعَة قازان حَيْثُ انه خربها ثمَّ فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور جددت عمارتها فَعَادَت لَهَا أَيَّامهَا ثمَّ انحطت عقب وقائع تيمورلنك فخلت من المدرسين وتناولتها أَيدي المختلسين كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْن قَاضِي شُهْبَة فانه يَقُول وَمن وقائع تيمورلنك إِلَى زَمَنه يَعْنِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة لم يدرس بهَا أحد انْتهى وَكَانَ جملَة من درس بهَا من قبل تِسْعَة عشر مدرسا وانشأ الْوَاقِف بهَا مشيخة إقراء وَنَحْو وَليهَا جماعات من الْفُضَلَاء ثمَّ تقهقرت أحوالها إِلَى مَا بعد الْألف فتولاها بعض المدرسين ثمَّ اشْتهر الشَّيْخ شهَاب الدّين احْمَد المنيني بِالْعلمِ وَالْفضل فدرس بالسميساطية وَجعل سكنه بهَا وبسبب كَثْرَة مخالطته للكبراء وأرباب المناصب توجه عَلَيْهِ تدريس العادلية الْكُبْرَى وتولية السميساطية والعمرية فانتقل إِلَى العادلية وَلم يزل بهَا إِلَى أَن توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَمِائَة وَألف فاستولى أَوْلَاده على الْمدَارِس الثَّلَاثَة الْمَذْكُورَة ثمَّ انْتَقَلت إِلَى أَوْلَادهم إِلَى زمن مُحَمَّد أَفَنْدِي المنيني مفتي دمشق فاستولى عَلَيْهَا وَاتخذ العادلية بَيْتا للسُّكْنَى وَجعل مَسْجِدهَا إسطبلا للدواب وَتصرف فِيهَا وَفِي أوقاف الْمدَارِس الثَّلَاثَة كَيْفَمَا شَاءَ وَشاء لَهُ الْهوى ثمَّ مَاتَ فأكمل الِاسْتِيلَاء وَلَده توفيق أَفَنْدِي وَبقيت إِلَى الْآن اعني إِلَى سنة سبع وَعشْرين وثلاثمائة بعد الْألف تَحت سيطرته ونفوذه وَفِي أيامنا جعل مَسْجِدهَا

<<  <   >  >>