(بَكَيْت بهَا المدفون فِي حجراتها ... من الْعلم حَتَّى بل دمعي ردائيا)
ومعالمها المندرسة الْآن فِي أول زقاق الصخر بِالْقربِ من الْمَكَان الَّذِي بني محلا لمجمع الأضواء الكهربائية جنوبي الطَّرِيق وَقد بَقِي مِنْهَا بَابهَا ومكتوب على أسكفته كِتَابَة قاربت الانطماس وَهِي على حجرين والأعلى مِنْهُمَا مَكْتُوب عَلَيْهِ
لَا اله إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {وَمَا تقدمُوا لأنفسكم من خير تَجِدُوهُ عِنْد الله} آيَة ٢ / ١١٠ وتاريخه سنة سِتّ وَعشْرين وسِتمِائَة
والأسفل مِنْهُمَا مَكْتُوب عَلَيْهِ
أوقف هَذِه الْمدرسَة الْمُبَارَكَة وأبدها وحبسها الْأَمِير الْكَبِير الْغَازِي الْمُجَاهِد أَبُو الْفضل عز الدّين ايبك على الْفُقَهَاء والمتفقهة من أَصْحَاب الإِمَام الْأَعْظَم سراج الْأمة أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وعَلى المقرئين والمحدثين والمستمعين تقبل الله مِنْهُ وَهَذَا الْبَاب قريب الاندراس وَلما دَخَلتهَا رَأَيْت ثمار الْعُلُوم الَّتِي كَانَت تجتنى مِنْهَا قد بدلت بثمرات الْأَشْجَار وَجعلت أمكنة حجراتها ومسجدها وساحتها بستانا وَلما تتبعت آثَار جدرانها لم أجد شَيْئا بَاقِيا مِنْهَا سوى أساس الْجِدَار الشمالي وَقد أقيم عَلَيْهِ دك الْبُسْتَان وَالْبَاب مسدود ولاح بخاطري أَن أعلم مساحة أرْضهَا فَرَأَيْت طولهَا من الشرق إِلَى الغرب نَحوا من سِتِّينَ خطْوَة وَالْعرض مِقْدَار النّصْف من ذَلِك وَهِي تشرف على وَاد عميق وجدارها الجنوبي مؤسس من أَسْفَل ذَلِك الْوَادي وَقد بَقِي سالما إِلَى مَا يسامت أرْضهَا وَفِي الزاوية الجنوبية مِنْهَا قبَّة عَظِيمَة قَائِمَة فِي الْهَوَاء صبرت على مر الرِّيَاح وكر الْقُرُون فَلم تُؤثر بهَا الْحَوَادِث شَيْئا ومساحة داخلها سبع خطوَات فِي سبع وَفِي وَسطهَا قبر عز الدّين وارتفاعه عَن الأَرْض نَحْو ذراعين وللقبة شباكان مطلان على ميدان الْقصر وَكلهَا مَبْنِيّ بِالْحجرِ الْأَصْفَر وَهَذِه الْمدرسَة كَانَت فِي أَيَّام سعودها نزهة للأبصار وملعبا للنسيم اللَّطِيف العليل تهدي لساكنها أبهج المناظر الدمشقية يقون لِسَان حَالهَا عجبا لمن يسكنني وَلم تتفجر من فُؤَاده ينابيع الْحِكْمَة وَالْعلم فسبحان الْبَاقِي