قَالَ ابْن شُهْبَة فِي تَارِيخه كَانَ سيف الدّين أَمِيرا كَبِيرا صَالحا فَاضلا شَاعِرًا وَأورد من شعره فِي التَّارِيخ وَلَا يحضرني الْآن واحترقت فِي فتْنَة تيمورلنك سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة واستمرت كوم تُرَاب إِلَى حُدُود سنة أَربع وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة قَالَ ابْن شُهْبَة وتعذرت إِعَادَتهَا لعدم وقف لَهَا بَلغنِي أَن جَمِيع وَقفهَا كَانَ سقفا دَاخل الْبَلَد فَاحْتَرَقَ فِي الْفِتْنَة الْمَذْكُورَة ثمَّ قيض الله لَهَا بِمُبَاشَرَة أهل الْخَيْر المرحوم مُحَمَّد جلبي قَاضِي الشَّام ابْن الْمُفْتِي أبي السُّعُود صَاحب التَّفْسِير فصرف مائَة سلطاني على نقل تُرَاب وَضرب لبن وَإِقَامَة بعض القناطر والعضائد ووقف أمرهَا ثمَّ سنح للشَّيْخ أَحْمد ابْن الشَّيْخ سُلَيْمَان أَن ينْتَقل من زَاوِيَة لَهُ كَانَت ضيقَة وَمن بَيته بِمحل الشلاحة إِلَيْهَا وَأَن يعمرها فصرف عَلَيْهَا من مَاله مَا شَاءَ الله ثمَّ ساعده فِيهَا أَرْكَان الدولة وَجِيء بخشبها من غيضة السُّلْطَان وَمَاله وتمت وكملت فِي غَايَة الْحسن وَالسعَة وَالْبركَة وأقيمت فِيهَا الْأَذْكَار والموالد والجمعيات وَذَلِكَ فِي حُدُود سبعين وَتِسْعمِائَة وَقَالَ المحبي فِي تَرْجَمَة أَحْمد الْمَذْكُور انه عزل التُّرَاب الَّذِي كَانَ فِيهَا من بقايا الخراب فِي فتْنَة تيمور وعمرها وَأَنْشَأَ سَبِيلا فِي جوَار تربَتهَا سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَقَالَ مامية الرُّومِي مؤرخا بِنَاء السَّبِيل
(هَذَا السَّبِيل الأحمدي ... لله مَا فِيهِ خفا)
(وَقد أَتَى تَارِيخه ... اشرب هَنِيئًا بل شفا)
هَذَا مَا كَانَ من أمرهَا وَأما حالتها الْآن فقد وقفت على أطلالها أسائلها فأعيت جَوَابا وَمَا بِالربعِ من أحد مَا بِالربعِ سوى الْجِدَار القبلي وَمن جِهَة الغرب مِنْهُ بَاب الْمدرسَة وَهُوَ مَبْنِيّ على هندسة جميلَة وَقد قسم الْآن بَابَيْنِ لدارين وَالْبناء الْقَدِيم يلوح من أعلاهما وبجانب ذَلِك الْبَاب من الْجَانِب الشَّرْقِي التربة الْمَذْكُورَة وَهِي قبَّة عَظِيمَة وبناؤها قَائِم إِلَى الْآن وَلها شباكان على الطَّرِيق ومحفور على صَخْرَة فَوق الشباك الْأَيْمن قَالَ الْأَمِير الْمُجَاهِد الْكَبِير المرابط الاسفهلار السعيد الشَّهِيد سيف الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن قليج بن عبد الله هَذِه الأبيات وَأمر أَن تكْتب على تربته بعد وَفَاته وعَلى عتبَة الشباك الْأَيْسَر مَا صورته