للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والاكتشاف والاختراع وَثمّ اقوال كَثِيرَة فِي كتب الطِّبّ وَتقدم إِن الاطباء الَّذين كَانُوا قبل ابقراط كَانُوا يَبْخلُونَ بتعليم هَذَا الْفَنّ وَلَا يعلمونه للغرباء حَتَّى جَاءَ ابقراط فَكَانَ أول من علمه الغرباء وجعلهم كأولاده لما خَافَ على الطِّبّ ان يفنى من الْعَالم كَمَا ذكر ذَلِك عَن نَفسه فِي كتاب عَهده الى الاطباء الغرباء وَألف التآليف الغريبة النافعة فِيهِ وشاع ذَلِك الْفَنّ ثمَّ جَاءَ بعده جالينوس وَلَكِن بِنَحْوِ سِتّمائَة سنة فاستنبط علم التشريح وَلم يسْبقهُ إِلَيْهِ أحد وَألف فِيهِ سبع عشرَة مقَالَة وَكَانَت لَهُ بِمَدِينَة رُومِية مجَالِس مقامية يخْطب فِيهَا وَيظْهر من علمه بالتشريح مَا يعرف بِهِ فَضله وَكَانَ لَا يقنع من علم الاشياء بالتقليد دون الْمُبَاشرَة ولولاه مَا بَقِي علم الطِّبّ ولكان مندرسا واثرا من الْعَالم جملَة وَلكنه اقام أوده وَشرح غامضه وَبسط مستصعبه وَكَانَ متصفحا لجَمِيع كَلَام المؤلفين فَلم يسلم اُحْدُ من القدماء مِنْهُ الا مشدوخا وَكَانَت وَفَاته قبل الْمَسِيح بِسبع وَخمسين سنة

وَقَالَ عبيد الله بن بختيشوع ظهر جالينوس ايام الْملك انطونينوس باني مَدِينَة ايليوبوليس الْمُسَمَّاة ببعلبك وَهُوَ الَّذِي استخدم جالينوس

وَقَالَ اسحاق ان بَين وَفَاة جالينوس الى سنة تسعين وَمِائَتَيْنِ لِلْهِجْرَةِ ثَمَانمِائَة وَخمْس عشرَة سنة وعاش جالينوس على مَا ذكره اسحاق بن حنين فِي تَارِيخه وَنسبه الى يحي النَّحْوِيّ سبعا وَثَمَانِينَ سنة وَهَذَا اعْدِلْ مَا يُمكن علمه

وَفِي كتاب التَّوْضِيح فِي اصول التشريح ليوحنا ورتبات ان صناعَة التشريح كَانَت مَعْدُومَة فِي الازمنة الْقَدِيمَة الى ان قَامَت مدرسة الاسكندرية الشهيرة الَّتِي انشأها بطليموس الاول الَّذِي تولى مصر بعد الاسكندر الْكَبِير قبل التَّارِيخ المسيحي بِنَحْوِ ثَلَاثمِائَة سنة وَهِي اول مدارس الْعَالم فِي ذَلِك الْوَقْت فَجمعت فِيهَا مكتبة عَظِيمَة وادوات التَّعْلِيم فِي الْهَيْئَة والطب ودعي اليها المعلمون وَأمرت الْحُكُومَة بِدفع جثث المقتولين بِسَبَب جرائمهم الى الْمدرسَة الطبية لاجل التشريح وَبَقِي الِاسْم الاول لهَذِهِ الْمدرسَة الى مَا بعد التَّارِيخ المسيحي بِنَحْوِ ثَلَاثمِائَة سنة وَيظْهر ان معارف الرومانيين كَانَت منقولة عَنْهَا بالتدريج

ثمَّ اضمحلت الْعُلُوم فِي الْمغرب من الْقرن السَّابِع بعد الْمَسِيح الى الْقرن الثَّانِي عشر فَأَخذهَا الاسلام فِي الْمشرق وازدهرت بَينهم الى أَن بلغُوا فِيهَا الرُّتْبَة الأولى إِلَّا انهم لم

<<  <   >  >>