للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والمشاركة وَيَأْخُذ فِي كَيْفيَّة بِنَاء الأسوار وحفر الْخَنَادِق وَيَأْتِي فِي ذَلِك بِكُل معنى بديع وَكَانَ مهتما بِبِنَاء سور بَيت الْمُقَدّس وحفر خندقه يتَوَلَّى ذَلِك على عَاتِقه وينقل الْحِجَارَة بِنَفسِهِ ويتأسى بِهِ جَمِيع النَّاس الْأَغْنِيَاء والفقراء والأقوياء والضعفاء حَتَّى الْكَاتِب وَالْقَاضِي الْفَاضِل ويركب لذَلِك قبل طُلُوع الشَّمْس الى وَقت الظّهْر فَيَأْتِي دَاره ويمد السماط ثمَّ انه يستريح ويركب وَقت الْعَصْر وَيَأْتِي على ضوء المشاعل وَيصرف أَكثر اللَّيْل فِيمَا يعْمل نَهَارا وَكَانَ يحفظ ديوَان الحماسة وَأطَال الْبَغْدَادِيّ فِي الْكَلَام عَلَيْهِ وَسيرَته أفردت بالتأليف وأكثرها مطبوع كالروضتين لأبي شامة وَسيرَته للغزي والنوادر السُّلْطَانِيَّة والمحاسن اليوسفية للْقَاضِي بهاء الدّين الْمَعْرُوف بإبن شَدَّاد وَسيرَته للعماد الْكَاتِب وَغَيره مِمَّا هُوَ مَعْرُوف ومشهور

قَالَ ابْن شَدَّاد فِي النَّوَادِر مَا خلاصته أَن السُّلْطَان لما دنا وَقت رحيله الى دَار الْبَقَاء وجد فِي جِسْمه كسلا عَظِيما فَمَا انتصف اللَّيْل حَتَّى غَشيته حمى صفراوية كَانَت فِي بَاطِنه أَكثر من ظَاهره وَأصْبح الصَّباح وَهُوَ متكاسل عَلَيْهِ أثر الْحمى وَلم يظْهر ذَلِك للنَّاس ثمَّ أَخذ الْمَرَض يتزايد الى أَن انْتهى لغاية الضعْف وَلما مضى على مَرضه أحد عشر يَوْمًا وَتحقّق النَّاس مَوته أسْرع وَلَده الْأَفْضَل فِي تَحْلِيف النَّاس واستحضر الْقُضَاة وَعمل لَهُ نُسْخَة يَمِين مختصرة محصلة للمقاصد هَذَا وَلم يزل الْحَال يشْتَد بالسلطان صَلَاح الدّين الى ان توفّي الى رَحْمَة الله وغفرانه بعد صَلَاة الصُّبْح من يَوْم الْأَرْبَعَاء السَّابِع وَالْعِشْرين من صفر سنة تسع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَكَانَ يَوْمًا شَدِيدا على الاسلام وَالْمُسْلِمين

وَقَالَ صَاحب حماة فِي تَارِيخه لما مَاتَ السُّلْطَان غسله الْفَقِيه الدولعي خطيب دمشق وَأخرج بعد صَلَاة الظّهْر فِي تَابُوت مسجى بِثَوْب وَجَمِيع مَا احتاجه من الثِّيَاب فِي تكفينه أحضرهُ القَاضِي الْفَاضِل من جِهَة حل عرفهَا وَصلى النَّاس عَلَيْهِ وَدفن فِي قلعة دمشق فِي الدَّار الَّتِي كَانَ مَرِيضا فِيهَا ثمَّ أَن الْملك الْأَفْضَل عمل لوالدته تربة قرب الْجَامِع وَنقل اليها السُّلْطَان يَوْم عَاشُورَاء سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة فدفنه بهَا انْتهى وَيُقَال انه دفن مَعَه سَيْفه الَّذِي كَانَ يحضر بِهِ الْجِهَاد وَتقدم بعض من سيرته فِيمَا مضى من هَذَا الْكتاب قَرَأت فِي تَارِيخ المحبي مَا صورته ان ابراهيم باشا ابْن عبد المنان الْمَعْرُوف بالدفتردار نزيل دمشق بنى حَماما بِالْقربِ من تربة

<<  <   >  >>