مِنْهَا على ذكر مَا أنشاه وبناه لمناسبته لموضوع كتَابنَا فَنَقُول تولى المترجم الحكم بِالْيمن وَله بهَا آثَار مِنْهَا جَامع فِي قصر صنعاء واجرى لَهُ غيلا من جبل نُقِيم وَانْقطع فِي زمن حسن باشا الْوَزير وَبنى أَيْضا قبَّة عَظِيمَة على قُبُور السَّادة بني الاهدل بزبيد وَرفع عَن الرّعية جملَة من الْمَظَالِم والبدع وَنشر عدله فِي الْجبَال وَكَانَ مَعَ ذَلِك سفاكا للدماء كَانَ يحب الْعلمَاء ويميل الى الصلحاء ثمَّ عزل عَن الْيمن واعطي حُكُومَة قرمان وَأمر بِالسَّفرِ مَعَ الْوَزير الاعظم الموجه الي تبريز فأسرته الْعَجم فِي الْوَاقِعَة وَلما تخلص من الْأسر ولاه السُّلْطَان مُرَاد نِيَابَة دمشق فعمر بهَا السُّوق الَّذِي عِنْد بَاب الْبَرِيد وَكَانَ يعرف بسوق الطواقية شرع فِي تعميره فِي أَوَاخِر اثْنَتَيْنِ بعد الالف فهدم الحوانيت الْقَدِيمَة وجدد بناءها ووسع الطَّرِيق وَرفع السّقف وَبنى على مربعة بَاب الْبَرِيد قبَّة عَظِيمَة عالية ملاصقة للعمودين العظيمين الباقيين عَن يَمِين بَاب الْبَرِيد وشماله فَجَاءَت قبَّة حَسَنَة وَجَاء الْبناء محكما حسنا وَأخذ الْبيُوت الَّتِي وَرَاءه وعمرها وكَالَة حَسَنَة وامر أَن يسكن فِيهِ سوق السباهية فنقلوا اليه بُرْهَة حَتَّى مَاتَ ثمَّ أعيدوا الى سوقهم ثمَّ عمر الى جَانِبه سوقا آخر وَنقل اليه تجار سوق الذِّرَاع وَكَانَ تَمام الْعِمَارَة سنة خمس بعد الالف وَقَالَ أَبُو الطّيب الْغَزِّي فِي تَارِيخ الْوكَالَة
(هاك تَارِيخا سماله ... بدر هالات الغزاله)
(جملَة الْملك بهاء ... وسخاء وبساله)
(صَحَّ فِي آخر شطر ... ضمن الدّرّ مقاله)
(ولي الشَّام مُرَاد ... فَبنى خير وكاله)
وَالْوكَالَة اسْم للخان كَمَا هُوَ مَعْرُوف فِي عرف المصريين والدمشقيون يسمونه قيسارية قلت هَذِه الأبينة بعظها تبدلت أوضاعها وَبَعضهَا عرضة للتبديل وَأما الْقبَّة فقد هدمت سنة لما بني السُّوق وتبدلت أوضاعها وَلم يبْق سوى الاعمده الْعَظِيمَة الَّتِي عَن يسَار وَيَمِين الدَّاخِل الى الْجَامِع من جِهَة بَاب الْبَرِيد وسيكون لَهَا شَأْن وترتيب يحفظها لتَكون أثرا قَدِيما معمارا يدل على سَعَة أفكار القدماء فِي الْفَنّ المعماري والهندسة
ثمَّ ان مُرَاد باشا وقف الْجَمِيع على الْحَرَمَيْنِ الشريفين ثمَّ انْفَصل عَن دمشق وَولي حلب وديار بكر ثمَّ أعطي ولَايَة روم أيلي مرَّتَيْنِ ثمَّ صَار وزيرا وَأمر بمحافظة بلغراد