وَالْخَامِس دير العذارى وَهُوَ بسرمن رأى وَفِيه يَقُول جحظة
(أَلا هَل الى دير العذارى ونظرة ... الى من بِهِ قبل الْمَمَات سَبِيل)
وَقد تفنن الشُّعَرَاء فِي وصف هَذِه الديارات كَمَا تفننوا فِي وصف الْجَامِع الاموي فقد رَأَيْت كثيرا مِنْهُم أطنبوا فِي مِدْحَة فَأَحْبَبْت أَن أضم بَعْضًا مِنْهَا لما هُنَا لِأَن الْكَلَام عَلَيْهِ سَابِقًا كَانَ تاريخيا بحتا وَهَذَا الخاتمة أدبية وَالشَّيْء انما ينظم مَعَ مَا يماثله فَمن ذَلِك قَول بدر الدّين حسن بن حبيب الحبلي
(معبد الشَّام يجمع النَّاس طرا ... واليه شوقا تميل النُّفُوس)
(كَيفَ لَا يجمع الورى وَهُوَ بَيت ... فِيهِ تجلى على الدَّوَام الْعَرُوس)
وَله أَيْضا
(يَا رَاغِبًا فِي غير جَامع جلق ... هَل يَسْتَوِي الْمَمْنُوع والممنوح)
(أقصر عناك وَفِي غلوك لَا تزد ... ان الزِّيَادَة بَابهَا مَفْتُوح)
وَقد أَخذ هَذَا الْمَعْنى من كَلَام جمال الدّين أبن نَبَاته وَهُوَ
(أرى الْحسن مجموعا بِجَامِع جلق ... وَفِي صَدره معنى الملاحة مشروح)
(فان يتغالى فِي الْجَوَامِع معشر ... فَقل لَهُم بَاب الزِّيَادَة مَفْتُوح)
وَقَالَ صَلَاح الدّين خَلِيل بن أيبك الصَّفَدِي
(تَقول دمشق أذ تفاخر غَيرهَا ... بمعبده الزاهي البديع المشيد)
(جري ليباهي حسنه كل معبد ... وَمَا قصبات السَّبق الا لمعبد)
وَالْأَصْل فِي ذَلِك قَول برهَان الدّين القيراطي
(سقى بِدِمَشْق الْغَيْث جَامع نسكها ... ورضا بِهِ الْحمام المغرد)
(اذا مَا زهى للعين من ذَاك معبد ... للذّكر حلاوفي السّمع من ذَاك معبد)
وَمن معانية اللطيفة قَوْله
(دمشق لَهَا فِي الْحسن منصب ... عَال وَذكر فِي الملا شَائِع)
(فَخَل من قَاس بهَا غَيرهَا ... وَقل لَهُ ذَا الْجَامِع الْمَانِع