قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي (إِلَّا لِمَنْ أُذِنَ لَهُ) بضم الألف، وكذلك
قال الأعشى والكسائي عن أبي بكر عن عاصم.
وقرأ الباقون وحفص ويحيى عن أبي بكر عن عاصم (أَذِنَ) بِفتح الألف.
قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (إِلَّا لِمَنْ أُذِنَ لَهُ) أو قرأ (لِمَنْ أَذِنَ لَهُ)
فالمعنى واحد، اللَّه يأذن فيما شاء، والمعنى: لا تنفع شفاعة مَلَكٍ مُقَرَّب، ولا نبي حتى يؤذن له في الشفاعة لمن يشفع له، فيكون (مَنْ) التي فيها اللام للمشفوع له.
وهذه الآيات نزلت في قوم من العرب عَبَدُوا الملائكة، وزعموا أنهم
يشْفَعون لهم، فأعلم اللَّه أنَّ شفاعتَهم لا تَنْفع إلاَ لِمَنْ يأذَنُ اللَّه لهم بأنْ يشْفَعُوا له، ثم أخْبرَ بفزع الملائكة عند نزول الوحى من عند اللَّه، فقال: (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ. . . الآية.
* * *
قوله: (حَتَّى إِذَا فَزَّعَ (٢٣)
قرأ ابن عامر وحده والحضرمي (حَتَّى إِذَا فَزَّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) بفتح الفاء
والزاي.
وقرأ الباقون (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ) بضم الفاء وكسر الزاي.
قال أبو منصور: والمعنى في (فَزَّع) و (فُزِّع) واحد، الله المفزع عن
قلوبهم، أى: يكشف الفزع عنها.
والمُفَزَّع في كلام العرب على وجهين:
يكون جبانًا، ويكون شجاعًا.
فمن جعله شجاعًا فهو بمعنى أن الإفزاع تنزل بمثله، جَمْعُ الفِزَع الذى هو استغاثة. ومن جعله جبانا. فالمعنى: أنه يفزع من كل شيء يُفزعه، أى: يخوفه.
وقال أبو الهيثم: المَفزَّع الذى أمن قلبه.