تشكي الكميت الجري لها جهدته ... وبين لو يستطيع أن يتكلما
فقلت له أن ألق للعين قرة ... فهان علي أن تكل وتسأما
لذلك أدني دون خيل رباطه ... وأوصي به أن لا يهان ويكرما
عدمت إذا وفري وفارقت مهجتي ... لئن لم أقل قرنا إن الله سلما
وسأل مسلمة بن إبراهيم أيوب بن مسلمة: أكانت الثريا كما يصف عمر بن أبي ربيعة فقال: وفوق الصفة، كانت والله كما قال عبد الله بن قيس:
حبذا الحج والثريا ومن بال ... خفيف من أجلها وملقى الرحال
يا سليمن إن تلاقي الثريا ... تلق عيش الخلود قبل الهلال
درة من عقائد البحر بكر ... لم يشنها مثاقب اللآلي
وحجت رملة بنت عبد الله بن خلف الخزاعية فقال فيها عمر:
أصبح القلب فيا لحبال رهينا ... مقصدا يوم فارق الظغينا
قلت من انتم فصدت وقالت ... أمبدي سؤالك العالمينا
نحن من ساكني العراق وكنا ... قبله قاطنين مكة حينا
قد صدقناك إذ سألت فمن أن ... ت عسى أن يجر شأن شؤونا
وترى أننا عرفناك بالنع ... ت بظن وما قبلنا يقينا
بسواد الثنيتين ونعت ... قد تراه لناظر مستبينا
وبلغت الأبيات الثريا فبلغتها إياها أم نوفل فقالت: إنه لوقاح صنع بلسناه، ولئن سلمت له لأردن من شأوه ولأثنين من عنانه، ولأعرفنه نفسه، وهجرت عمر فلما هجرته قال في ذلك:
من رسولي إلى الثريا فإني ... ضقت ذرعا بهجرها والكتاب
سلبتني مجاجة المسك عقلي ... فسلوها ماذا أحل اغتصابي
وهي مكنونة تحير منها ... في أديم الخدين ماء الشباب
أبرزوها مثل المهاة تهادي ... بين خمس كواعب أتراب
ثم قالوا تحبها قلت بهرا ... عدد القطر والحصا والتراب
فلما سمع ابن عتيق قوله: " من رسولي إلى الثريا فإني" قال: إياي أراد وبي نوه، لا جرم والله لا أذوق أكلا حتى أشخص فأصلح بينهما ونهض. قال بلال مولى ابن أبي عتيق: فركب وركبت معه فسار سيرا شديدا فقلت: أبق على نفسك فإن ما تريد ليس يفوتك. فقال: ويحك.
أبادر حبل الود أن يتقضبا
وما حلاوة الدنيا إن تم الصدع بين عمر والثريا، فقدما مكة ليلا غير محرمين، فدق على عمر بابه، فخرج إليه وسلم عليه ولم ينزل عن راحلته فقال له: اركب، وأصلح بينك وبين الثريا فأنا رسولك الذي سألت عنه، فركب معه وقدموا الطائف وقد كان عمر أرضى أم نوفل، فكانت تطلبت له الحيل لإصلاحها فلم يمكنها فقال ابن أبي عتيق للثريا: هذا عمر قد جمشني المسير من المدينة إليك، فجئتك به معترفا لك بذنب لم يجنه معتذرا من إساءته إليك فدعيني من التعداد والترداد فإنه من الشعراء الذين يقولون ما لا يفعلون، فصالحته أحسن صلح وأتمه وأجمله، ورجعوا إلى مكة فلم ينزلها ابن أبي عتيق حتى رحل وزاد عمر في أبياته فقال: