للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهبنا أطعناك في قتله ... وقاتله عندنا من أمر

ولم يسقط السف من فوقنا ... ولم ينكسف شمسنا والقمر

وقد بايع الناس ذاك اقتدار ... يزيل الشبا ويقيم الصغر

ويلبس للحرب أثوابها ... وما من وفى مثل من قد غدر

فانصرفت إلى مكة فقصدت الحجر فنزلت فيه فاجتمع الناس حولها فقالت: أيها الناس، إن الغوغاء من أهل الأمصار وأهل المياه وعبيد أهل المدينة اجتمعوا على هذا الرجل المقتول ظلما بالأمس ونقموا عليه استعماله من حدثت سنه، وقد استعمل أمثالهم قبله مواضع من الحمى حماها لهم، فتابعهم ونزع لهم عنها، فلما لم يجدوا حجة ولا عذرا بادروا بالعدوان، فسفكوا الدم الحرام، واستحلوا البلد الحرام والشهر الحرام، وأخذوا المال الحرام، والله لأصبع من عثمان خير من طباق الأرض أمثالهم، ووالله لو أن الذي اعتدوا به عليه كان ذنبا لخلص منه كما يخلص الذهب من خبثه، أو الثوب من درنه أماصوه كما يماص الثوب بالماء (أي يغسل) . فقال عبد الله بن عامر الحضرمي: وكان عامل عثمان على مكة ها أنا أول طالب فكان أول مجيب وتبعه بنو أمية على ذلك وبذا صارت الحرب بخبر طويل يخرجنا عن الموضوع وروده.

ومما قالت عائشة عند دخولهم المربد واجتمع القوم وخرج أهل البصرة وعثمان بن حنيف وكان عاملا على البصرة فتكلمت وكانت جمهورية الصوت فحمدت الله وقالت: كان الناس يتجنون على عثمان ويزورون على عماله بالمدينة فيستشفعرننا فيما يخبرونا عنهم فننظر في ذلك فنجده بريا تقيا وفيا ونجدهم فجرة غدرة كذبة، وهم يحاولون غير ما يظهرون، فلما قووا كاثروه فتحوا عليه داره واستحل الدم الحرام والشهر الحارم والبلد الحارم بلا شره ولا غدر ألا إن مما ينبغي ولا ينبغي لكم غير أخذ قتلة عثمان وإقامة كتاب الله وقرأت (أم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب) [آل عمران: ٢٣] الآية وكانت فصيحة الكلام صحيحة المنطق فهاجت السامعين.

وقالت: أيضا يوم الجمل: أيها الناس، صه صه إن لي عليكم حق الأمومة وحرمة الموعظة لا يتهمني إلا من عصى ربه. مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري وأنا إحدى نسائه في الجنة له إدخرني ربي وسلمني من كل بضاعة وبي ميز بين منافقكم ومؤمنكم، وبي رخص الله لكم في صعيد الأبواء ثم أبى ثالث ثلاثة من المؤمنين وثاني اثنين الله ثالثهما. وأول من سمي صديقا مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم راضيا عنه وطوقه طوق الإمامة، ثم اضطرب حبل الدين فمسك أبي بطرفيه ورتق لكم فتق النفاق، وأغاض نبع الردة وأطفأ ما حش يهود وانتم يومئذ جحظ العيون تنظرون الغدرة وتسمعون الصيحة فرأب الثأى، وأوذم العطلة، وانتاش من المهواة، واحتجى دفين الداء حتى أعطن الوارد وأورد الصادر، وعل الناهل فقبضه الله واطئا على هامات النفاق مذكيا نار الحرب للمشركين، وانتظمت بضاعتكم بحبله، ثم ولي أمركم رجلا مرعيا إذا ركن إليه بعيد ما بين اللايتين عروكه للأذن بجنسه صفوحا عن أذاة الجاهلين يقظان الليل في نصرة الإسلام فسلك مسلك السابقة ففرق شمل الفتنة وجمع أعضادها جمع القران، وأنا نصب المسألة عن مسيري هذا الم ألتمس إثما ولم أدلس فتنة أوطئكموها أقول قولي هذا صدقا وعدلا وإعذاراً وإنذاراً، وأسأل الله أن يصلي على محمد وأن يخلفه فيكم بأفضل خلافة المرسلين.

وقال القاسم بن محمد بن أبي بكر لما قتل أبي محمد بن أبي بكر بمصر جاء عمي عبد الرحمن بن أبي بكر فاحتملني

<<  <   >  >>