عند أزواجهن وكانت عند الحسين بن علي أم إسحاق بنت طلحة فكان يقول: والله لربما حملت ووضعت وهي مصارمة لي لا تكلمني، ونالت عائشة من مصعب وقالت: لا تكلمني أبدا وقعدت في غرفة وهيأت فيها ما يصلحها فجهد مصعب أن تكلمه، فأبت، فبعث إليها ابن قيس الرقيات فسألها كلامه.
فقالت: كيف يميني؟ فقال: ههنا الشعبي فقيه أهل العراق فاستفتيه، فدخل عليها فأخبرته فقال: ليس هذا بشيء. فقالت: أيحلني ويخرج خائبا فأمرت له بأربعة آلاف درهم وقال ابن قيس الرقيات لما رآها:
إن الخليط قد أزمعوا تركي ... فوقفت في عرصاتهم أبكي
خبيئة برزت لتقتلني ... مطلية الأصداغ بالمسك
عجبا لمثلك لا يكون له ... خرج العراق ومنبر الملك
وكانت عزة الميلاء من أظرف الناس وأعلمهم بأمور الناس، وكان يألفها الأشراف وأرباب المروءات وغيرهم فأتاها مصعب بن الزبير وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر أو سعيد بن العاص فقالوا: إن خطبنا فانظري لنا. فقالت لمصعب: ومن خطبت يا ابن أبي عبد الله؟ فقال: عائشة بنت طلحة. فقالت: فأنت يا ابن أبي أحيحة. قال: عائشة بنت عثمان. قالت: فأنت يا ابن الصديق. قال أم القاسم بنت زكريا بن طلحة. قالت: يا جارية، هاتي منقلي - تعني خفيها - فلبستهما وخرجت ومعها خادم لها ومضت فبدأت بعائشة بنت طلحة فقالت: فديتك كنا في مأدبة لقريش فتذاكروا جمال النساء وخلقهن وذكروك فلم أدر كيف أصفك فديتك فألقي ثيابك ففعلت وأقبلت وأدبرت فارتج كل شيء منها فقالت لها عزة: خذي ثوبك فديتك من كل سوء. فقالت عائشة: قد قضيت حاجتك وبقيت حاجتي. فقالت عزة: وما هي بنفسي أنت. قالت: تغنيني صوتاً. فاندفعت تغني:
خليلي عوجا بالمحلة من جمل ... وأترابها بين الأصفير والخبل
نقف بمغان قد محا رسما البلا ... تعاقبها الأيام بالريح والوبل
فلو درج النمل الصغار بجلدها ... لأندب أعلى جلدها مدرج النمل
وأحسن خلق الله جيدا ومقلة ... تشبه في النسوان بالشادن الطفل
فقامت عائشة فقبلت ما بين عينيها ودعت لها بعشرة أثواب وبطرائف من أنواع الفضة وغير ذلك ودفعته إلى جاريتها، فحملته وأتت النسوة على مثل ذلك تقول ذلك لهن حتى أتت القوم في السقيفة فقالوا: ما صنعت؟ فقالت: يا ابن أبي عبيد الله.
أما عائشة فلا والله ما رأيت مثلها مقبلة ومدبرة محطوطة المتين عظيمة العجيزة، ممتلئة الترائب، نقية الثغر، وصفحة الوجه فرعاء الشعر، لفاء الفخذين، ممتلئة الصدر، خميصة البطن ذات عكن ضخمة السرة مسرولة الساقة يرتج ما بين أعلاها إلى قدميها، وفيها عيبان:
أما أحدهما فيواريه الخمار وأما الآخر فيواريه الخف عظم القدم والأذن وكانت عائشة كذلك. ثم قالت عزة: وأما أنت يا ابن أبي أحيحة فإني والله ما رأيت مثل خلق عائشة بنت عثمان لامرأة قط ليس فيها عيب، والله لكأنما أفرغت إفراغا ولكن في الوجه ردة وإن استشرتني أشرت عليك بوجه تستأنس به.
وأما أنت يا ابن الصديق فوالله ما رأيت مثل أم القاسم كأنها خوط بانة تنثني وكأنها خدل عنان، أو كأنها خشف ينثني وكأنها خدل عنان، أو كأنها خشف ينثني على رمل لو شئت أن تعقد أطرافها لفعلت ولكنها شحنة الصدر وأنت عريض الصدر فإذا كان ذلك قبيحا لا والله حتى يملأ كل شيء مثله فوصلها الرجال والنساء وتزوجوهن.
وكان مصعب لا يقدر عليها إلا بتلاح ينالها منه، وبكل مشقة، فشكا ذلك إلى ابن فروة كاتبه فقال له: أنا