نزلن بفخ ثم رحن عشية ... يلبين للرحمن معتمرات
يخبئن أطراف الكف من التقى ... ويخرجن شطرا لليل معتجزات
ولما رأت ركب النميري أعرضت ... وكن من أن يلقينه حذرات
تضوع مسكا بطن نعمان أن مشت ... به زينب في نسوة خفرات
فقالت: والله ما قلت إلا جميلا ولا وصفت إلا كرما وطيبا وتقى ودينا، أعطوه ألف درهم. فلما كانت الجمعة الأخرى تعرض لها فقالت: علي به. فجاء، فقالت: أنشدني من شعرك في زينب. فقال: أو أنشدك من قول الحارث فيك؟ فوثب مواليها. فقالت: دعوه فإنه أراد أن يستفيد لابنة عمه هات، فانشدها:
ظعن الأمير بأحسن الخلق ... وغدوا بلبك مطلع الشرق
وتنوء تثقلها عجيزتها ... نهض الضعيف ينوء بالوسق
ما صبحت زوجا بطلعتها ... إلا غدا بكواكب الطلق
قرشية عبق العبير بها ... عبق الدهان بجانب الحق
بيضاء من تيم كلفت بها ... هذا الجنون وليس بالعشق
فقالت: والله ما ذكر إلا جميلا ذكر أني إذا صبحت زوجا بوجهي غدا بكواكب الطلق، وأني غدوت مع أمير تزوجني إلى الشرق. أعطوه ألف درهم واكسوه حلتين ولا تعد لإتياننا يا نميري.
وقال أبو هريرة لعائشة يوما: ما رأيت شيئا أحسن منك إلا معاوية أول يوم خطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت: والله لنا أحسن من النار في الليلة القرة في عين المقرور.
وكتب أبان بن سعيد إلى أخيه يحيى يخطب عليه عائشة بنت طلحة ففعل، فقالت: ليحيى: ما انزل أخاك أيلة قال: أراد العزلة. قالت: اكتب إلى أخيك.
حللت محل الضب لا أنت ضائر ... عدوا ولا مستنقعا بك نافع
وقال عبد الله بن عبد الرحمن - وقد قيل له طلقها:
يقولون طلقها لأصبح ثاويا ... مقيما علي الهم أحلام نائم
وإن فراقي أهل بيت أحبهم ... لهم زلفة عندي لإحدى العظائم
قال بعضهم: أذن المؤذن يوما وخرج الحارث بن خالد إلى الصلاة، فأرسلت إليه عائشة ابنة طلحة أنه بقي علي شيء من طوافي لم أتمه، فقعد وأمر المؤذنين، فكفوا عن الإقامة، وجعل الناس يصيحون حتى فرغت من طوافها، فبلغ ذلك عبد الملك بن مروان، فعزله وولى عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن أسيد، وكتب إلى الحارث: ويلك أتركت الصلاة لعائشة بنت طلحة فقال: والله لو لم تقض طوافها إلى الفجر لما كبرت. وقال في ذلك:
لم أحب بأن سخطت ولكنه ... مرحباً إن رضيت عنا وأهلا
إن وجهاً رأيت ليلة البد ... ر عليه أثنى الجمال وحلا
وجهها الوجه لو يسيل به المز ... ن من الحسن والجمال استهلا
إن عند الطواف حين أتته ... لجمالا فعماً وخلقاً رفلا
وكسين الجمال إن غبن عنها ... فإذا ما بدت لهن اضمحلا
ولما قدمت عائشة إلى مكة أرسل إليها الحارث بن خالد - وهو أمير على مكة -: إني أريد السلام عليك، فإذا خف