غولوبس وهو بهوري إسبانيولي الأصل كان في خدمتها عدة سنين، وذلك لاشتراكه في تلك المؤامرة وفي ذلك الوقت عمت الاضطهادات الدينية إنكلترا كلها وقتل كثيرون من وجوه البيورتيانة، وكانت الحرب مع إسبانيا جارية على قدم وساق.
وسنة ١٥٩٦ م فتح قادس أسطول وجيش إنلكيزيان تحت قيادة هورد أف أفنغام وأسكس. وكان أكسس حينئذ أكثر أهل إنكلترا نفوذا وسطوة، إلا أنه لقصر عقله وسوء تدبيره لم يعد عليه مركزه ولا اعتبار الملكة له بأقل نفع، وكثرت الدسائس في البلاط الملكي فأمسى أسكس وهو أكرم رجال الدولة وأقلهم دراية آلة في أيدي أهل الغايات والمطامع وأرسل أسكس لمحاصرة الإسبانيين في بلادهم وفي الأقيانوس الأتلنتيكي: أن فيليب الثاني حاول أن يجعل ابنته ملكة لإنكلترا فلم يفعل شيئا فأغضب ذلك الملكة، ولكن لم تلبث أن رضيت عنه وتمكن من مقاومة بورليغ ومضادته إلى أن عرف بورليغ المذكور أن بينه وبين ملك سكوتلاندا مراسلة، ولما عزم هنري الرابع على عقد الصلح مع إسبانيا ورأى أن ذلك مما يغيظ أليصابات عرض على إنكلترا وإسبانيا عقد الصلح وتوسط الخلاف بينهم، فصادق بورليغ على ذلك وخالفه أسكس، وفي مجلس من الوزراء عقدته الملكة للنظر في مصالح إيرلندا حول أسكس قفاه للملكة باستخفاف فصفعته وقالت له: اذهب، لا سلمك الله فأغلظ لها إرل أسكس الكلام وهاج وماج وخرج من المجلس وبينما كان قوم يحاولون مصالحتهما توفي بورليغ في ٤ آب (أغسطوس) سنة ١٥٩٨ م.
وبعد ذلك بستة أسابيع توفي فيليب الثاني فرجع أسكس إلى البلاط الملكي وبعد مدة وجيزة انتخب لوردا واليا لإيراندا وكانت تلك البلاد حينئذ في حال تعيسة ولم يوجه إليه ذلك المنصب عن حب بل عن غيظ وسعى له فيه أعدائه المدبرون على هلاكه وكان هو من أهل السياسة الدولية لا من المضطلعين بسياسة الأهالي ومن أهل الشرف لا من رجال الحرب فحبطت مساعيه في إيرلاندا فرجع منها من دون إذن، وسلك طريق التهور والشطط فكان كالباحث على حتفه بظلفه فسيق إلى دكة المجرمين فقتل عليها سنة ١٦٠١ م، وأمسى السير روبرت سسيل بن بورليغ أكثر وزراء أليصابات نفوذا وكان بينه وبين ملك سكوتلاندا مراسلة وطلبت الملكة أن هنري الرابع ملك فرنسا يزورها في دوفر لأنه كان في كالي إلا أنه أرسل إليها سفيره موسيودي روسني فقابلته ودار بينهما حديث مهم فإنها تكلمت في أول الأمر عن ملك سكوتلاندا، وقالت له: إنه سيخلفها في الملك ويصير لبريطانيا العظمى كلها, وهي أول من لقب بهذا اللقب، ثم أرسل إليها "هنري الرابع" سفارة أخرى فأحسنت ملتقاها وكان آخر اجتماعات المجلس العالي في أيامها في شهر تشرين الأول (أكتوبر) سنة ١٦٠١ م فقاومت الامتيازات الجائزة التي كانت قد منحتها قبلا مقاومة شديدة، ولكن إذ رأت أن مقاومتها له لا تجدي نفعا عدلت عنها بوجه لا يمس فيه شرفها.
وفي أوائل سنة ١٦٠٣ م ورد عليها تشكيات شتى فاعتلت لذلك صحتها إلا أن سبب موتها هو أنه أصابها نزل في "رشتمند" فتوفت فيها ودفنت في ٢٨ نيسان هذا, وإن الحوادث التي جرت في عهدها هي من أهم الحوادث التي جرت في إنكلترا والعصر ال "أليصاباتي" في التاريخ الإنكليزي هو من أزهى الأعصر وأزهرها وقد جعل له رجال السياسة والحرب والفلاسفة الكثيرون الذين نبغوا فيه من غيرهم من أهل الحذق والدراية مقاما في تاريخ العالم لم يتجاوزه عصر ألبتة, والحوادث المهمة التي جرت في حياة "أليصابات" مقررة ثابتة لا يتدافع فيها اثنان أما أوصافها فقد اختلف فيها المؤرخون.
وهذه ترجمة ما ذكره عنها "فرويد" في آخر تاريخه قال: "إن مركزها من أول الأمر كان متعبا جدا, وتعلقها ي "لبستر" تعلقا مشؤوما أو غير مرتب جعلها تكره الزواج وما حل بها من اليأس زاد أطوارها غرابة, ولم تتحزب للإصلاح عن طيب خاطر بل ظروف زمانها حكمت عليها بذلك فاضطرتها إلى وقاية الأراتقة والعصاة مع أنه لم يكن لها صالح في مقاصدهم ولا كانت تؤمن بتعاليمهم وكانت تشعر بالضرورة حال خضوعها لها وما بدا منها من التردد نشأ عن حملها رغما عنها على سلوك طريق تكره المسير فيه وكانت حاذقة