للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واشرب) . وفي خلال هذه المحاورة بينهما غلبت الحدة على المرأة فقالت له: (لا تزدني فوق طاقتي فإنني أسمعك من فمي ما لا تحب) .

قالت السيدة "ص": إن هاته الأمثلة قد وضعت بقصد المزاح بين الرجال والنساء وإنني أتأسف على كلامك الذي قلته.

فقلت لها: أنا لم أر وما رويتك حقيقة وإنما نقلته من الفكاهة ولكنه مثل ما جرى بالنقل ومع ذلك فإنه لا يسعنا أن ننكر أن النساء هن أقل صبرا وجلدا من الرجال.

قالت: لماذا إنه ليوجد بين النساء من هن أكثر عقلا وأشد صبرا من الرجال، كما ان كثيرا من الرجال هم أدنى معرفة واقل جلدا وأعظم جهلا من النساء.

قلت: نعم، لا أنكر صواب القول ولكن ذلك من قبيل الاستثناء أيتها الصديقة والاعتبار في كل شيء للأكثرية وهكذا تصدر الأحكام حتى إن الأوروبيين الذين يطلقون عنان الحرية لنسائهم لما أنهم يعلمون أن النساء أدنى معرفة من الرجال يسلمون المهر الذي يخصصونه كثمن جهاز لبناتهم إلى الرجال ولا يبقونه بأيدي النساء قالت: وهذا لا أريده بأن أرى أموالي بيد زوجي.

قلت: حيث إن الرجال يستطيعون أن يحسنوا إدارتها جرت العادة عندهم أن يسلموها لهم.

قالت: فإذا خطر للرجل ابتلاع أموال زوجته مع أهوائه واسترسالا إلى إهانتها واحتقار لها؟ قلت: هذا محول علي طالعها.

قالت: كلا، أنا لا أمكنه أن يخونني بواسطة دراهمي.

قلت: ماذا تعملين؟ قالت: إنني أطلقه من تلك الساعة.

قلت: إن الطلاق عندهم لفي غاية الأشكال، والطلاق لأجل بلع أموال المرأة إنما هو في عداد المستحيلات وأما عندنا فلا حاجة أن نتحمل مشقة الطلاق لأجل ذلك لأن أموال المرأة لا تدخل تحت حكم الرجل حتى يتمكن من هضمها.

وحينئذ سمعنا صوتا يشير أن إحدى السفن تتقرب من الشاطئ، فانصرف ذهننا إلى أن الضيوف قادمون عليها، فنهضنا ووقفنا على النافذة المطلة على الساحل، فرأينا في جملة الخارجين منها ثلاث نساء مرتديات بألبسة جميلة.

قالت السيدة "ص": انظري إلى هاته المدام البيضاء وتأملي في حسن ألبستها البسيطة.

قلت: لعلهن من ضيفاتنا.

قالت: ولكن أراهن قد تجاوزن الباب.

قالت السيدة "ن": ربما أنهن يأتين إلينا من باب المنزل انظري الرجل الذي يصحبهن وهذا طبيعي لأنهن لا يحضرن منفردات. قالت السيدة "ص": أنعم ها قد دخلن من باب المنزل ولعمري إنهن جميلات وألبستهن من آخر زي فكيف تحبين أن تدخليني عليهن بألبستي الحاضرة لا جرم أنهن يحسبننا لا ندرك (شيئا) فلا أحب أن أظهر أمامهن بألبسة بسيطة في حين إنهن مكتسيات بألطف كسوة، ولو عرفت أن الأمر سيكون كذلك للبست

<<  <   >  >>