الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين؛ سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فقد مَنَّ الله عليَّ بإخراج "جامع السنن" للحافظ ابن ماجه طبعة بالغت في ضبطها وصيانتها؛ رجاء الوصول إلى طبعة متقنة لهذا السفر العظيم، وقد لاقت طبعتنا - بحمد الله وفضله - ثناء علمائنا الكبار ومشايخنا الأخيار، فعدّوها أمثل النسخ المطبوعة لكتاب "السنن"، فكانت كلماتهم - حفظهم الله - عونًا وتشجيعًا لي في مواصلة المراجعة لطبعتنا، والتواصل مع إخواننا من طلبة العلم بغية الوصول إلى طبعة متقنة، يكون ضبطها ضبط مصحف، وبينا أنا في خضم هذه المراجعات إذ بأحد الإخوة الفضلاء من الرياض يهاتفني بوجود نسخة تركية، هي أتقن نسخ الكتاب، لم نكن قد وقفنا عليها من قبل، وأحالني على برنامج السرد المجود للسنن من المسجد الحرام لفضيلة الشيخ العلامة المحدث صالح العصيمي - حفظه الله -، فسارعت إلى سماعه، ثم مَنَّ الله عليَّ بالحصول على هذا الأصل العظيم، وبعد النظر فيه، ومطالعته إذ به الْقِدْح الْمُعَلَّى والسَّيْف الْمُحَلَّى، فهو أصل عتيق صحيح متقن، فيه زيادات لابن ماجه وابن القطان، تنشر أول مرة، فقمت بمقابلة نسختنا على هذه النسخة المتقنة، وجعلها أصلًا للكتاب، مع إثبات سائر فروق النسخ على ما هو موضح في مكانه، مع الأخذ بالملاحظات التي جاءتني من مشايخنا الكرام وإخواننا الفضلاء من طلبة العلم، فلهم مني جزيل الشكر والعرفان، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
أقول: وبعد أن منَّ الله علي من الانتهاء من مقابلة هذا الأصل العظيم، والاستفادة من ملاحظات إخواننا أستطيع أن أقول بحق: إن هذا السفر كأنه يطبع لأول مرة، وكأنه لم ينشر من قبل، وسيلمس القارئ هذا بالنظر إلى هوامش الكتاب، والزيادات التي فيه، سواء عن ابن ماجه، وانظر على سبيل المثال (١٨٠، ٧١٨، ٧٦٢، ٧٨١، ٨٠٨، ٨٤٣، ٨٧٦، ٨٨٠، ١١٣٦، ١١٥٤، ١١٥٥، ١١٥٧، ١٣١١).
أو زيادات ابن القطان وانظر لها على سبيل المثال (٤٠، ٤٢، ٥١، ٥٣، ٥٤، ٧١٧، ٧٢٨، ٧٣٥، ٧٤٣، ٧٤٦، ٧٤٧، ٧٧١، ٨٠٧).
وإني إذ أدفع هذا السفر للطباعة بحلته الجديدة وزياداته المفيدة، اللهَ أسأل أن يلقى قبولًا عند أهل العلم وطلبته، وأن يكون عملنا قد سدَّ ثغرة في خدمة كتاب من كتب السنة، وأن يكون لبنة أساس لبناء صرح مشيد في خدمة كتب السنة؛ للوصول إلى طبعات تقارب الكمال.