للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[مقدمة الطبعة الأولى]

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين؛ سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فإن كتاب "جامع السنن" - للحافظ أبي عبد الله ابن مَاجَهْ - أحد دواوين الإسلام الكبار، وسادس "الكتب الستة" التي عليها مدار الحديث؛ فحري بهذا السِّفْر العظيم أن يعتنى به ضبطًا وتخريجًا (١)، وخصوصًا أنه حتى هذه اللحظة لم يلق العناية اللائقة، إذ خلت طبعاته السابقة من مقابلته على أتقن المخطوطات، والتي - بحمد الله - توفر لنا بعضها، فطبعة الأستاذ فؤاد عبد الباقي كثيرة التحريف والتصحيف.

وطبعة الدكتور الأعظمي أَسْقَطَ منها عددًا لا بأس به من الأحاديث التي لم يجدها في أصله المخطوط، مع كونها مذكورة في "تحفة الأشراف"، وعزاها الأئمةُ الحفاظ لابن ماجه! وطبعة الدكتور بشار عواد - والتي هي أَرْجى الطبعات السابقة (٢) - ضبط أسانيدها على "تحفة الأشراف"؛ فَقَوَّمَ بذلك كثيرًا من أسانيدها، وصانها من التحريف والتصحيف (٣)، لكن لم تحظ متونها - من العناية - بما حظيت به أسانيدها! ذلك أن "تحفة الأشراف" يُذْكَرُ فيها طرف الحديث، فجاء الدَّخَل على هذه الطبعة من قبل المتن (٤)!

أقول: فكان لا بُدَّ من عمل متقنٍ يَحْظَى به كتابُ ابن ماجه، يجمع ضبط السند والمتن؛ لذا عمدتُ - بحول الله وقوته - إلى هذا المبتغى، آملًا تحقيق هذا المرتجى، فضبطته على أتقن الأصول الخطية سندًا ومتنًا - كما تراه بدلائله إن شاء الله -، ثم حَلَّيْتُ متونها بأحكام شيخي وأستاذي العلامة محدث الزمان أبي عبد الرحمن محمد ناصر الدين الألباني ، وأسكنه فسيح الجنان -، فاللهَ أسألُ أن يبارك في هذا العمل؛ الذي أرجو أن نكون به قد قاربنا الحصول على نسخة متقنة، تليق بمكانة هذا السِّفْر العظيم.


(١) قال ابن القيم في زاد المعاد (١/ ٤٠٥): "قال شيخنا أبو الحجاج الحافظ المزي: وكتاب ابن ماجه إنما تداولته شيوخٌ لم يعتنوا به، بخلاف صحيحي البخاري ومسلم، فإن الحفاظ تداولوهما، واعتنوا بضبطهما وتصحيحهما، قال: ولذلك وقع فيه أغلاط وتصحيف". قلت: وانظر حديث رقم (٢٠٤٦).
(٢) وأما طبعة المعارف والتي عليها أحكام شيخنا فهي لم تضبط على أصول خطية، بل قوبلت فيما يظهر على نسخة الدكتور بشار، بدليل أن كل الأوهام التي في طبعة الدكتور وقعت في تلك الطبعة.
(٣) ومع هذا فقد وقعت له بعض التصحيفات والتحريفات والأوهام في أسماء الرواة والأسانيد، نبهت على بعضها وهي أوهام قليلة مغمورة في بحر حسناته.
(٤) انظر حديث رقم (٢٠٥١).

<<  <   >  >>