للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَلْبِيَتَهُ. قَالَ جَابِرٌ: لَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ، لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ، حَتَّى إِذَا (١) أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، فَرَمَلَ ثَلَاثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا، ثُمَّ قَامَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ ، فَقَالَ: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: ١٢٥] فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَكَانَ أَبِي يَقُولُ - وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا ذَكَرَهُ عَنِ النَّبِيِّ (٢): كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾، وَ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَيْتِ فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ، ثُمَّ خَرَجَ (٣) مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٥٨] "نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ"، فَبَدَأَ بِالصَّفَا، فَرَقِيَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ، وَقَالَ: صَعِدَتَا - يَعْنِي: قَدَمَاهُ، فَكَبَّرَ اللهَ وَهَلَّلَهُ وَحَمِدَهُ، وَقَالَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، [لَا شَرِيكَ لَهُ] (٤)، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأحْزَابَ وَحْدَهُ"، ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ، وَقَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ، فَمَشَى حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ رَمَلَ فِي بَطْنِ الْوَادِي، حَتَّى إِذَا صَعِدَتَا -يَعْنِي: قَدَمَاهُ- مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ، فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ (٥) عَلَى الْمَرْوَةِ قَالَ: "لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ (٦) وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً". فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيَّ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ (٧). فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَلِعَامِنَا هَذَا أَوْ (٨) لِأَبَدِ الْأَبَدِ؟ قَالَ: فَشَبَّكَ رَسُولُ اللهِ أَصَابِعَهُ فِي الْأُخْرَى، وَقَالَ: "دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ هَكَذَا -مَرَّتَيْنِ- لَا، بَلْ لِأَبَدِ الْأَبَدِ (٩) ". وَقَالَ: وَقَدِمَ عَلِيٌّ بِبُدْنِ (١٠) النَّبِيِّ ، فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمَّنْ حَلَّ، وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا، وَاكْتَحَلَتْ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا عَلِيٌّ [] (١١)، فَقَالَتْ: أَمَرَنِي أَبِي بِهَذَا، فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ بالْعِرَاقِ: فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ فِي الَّذِي صَنَعَتْهُ، مُسْتَفْتِيًا رَسُولَ اللهِ فِي الَّذِي ذَكَرَتْ عَنْهُ، وَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا. فَقَالَ: "صَدَقَتْ، صَدَقَتْ، مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ؟ " قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ! إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ . قَالَ: "فَإنَّ مَعِي الْهَدْيَ فَلَا تَحْلِلْ (١٢) ". قَالَ: فَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي جَاءَ بِهِ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ، وَالَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيُّ مِنَ الْمَدِينَةِ مِئَةً. ثُمَّ حَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيَّ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَتَوَجَّهُوا (١٣) إِلَى مِنًى، أَهَلُّوا بِالْحَجِّ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ ، فَصَلَّى بِمِنًى (١٤) الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ


(١) لم ترد في التركية وقال في هامشها: "نسخة: إذ أتينا"
(٢) في المطبوع: "إنه".
(٣) في التركية والتيمورية: "رجع".
(٤) زيادة من التيمورية.
(٥) في التركية: "الطواف".
(٦) في التركية: "فليحل".
(٧) في التركية: "هديٌ".
(٨) في المطبوع: "أم".
(٩) في التركية: "أبد".
(١٠) النوق.
(١١) زيادة من التيمورية.
(١٢) في المطبوع: "تحل".
(١٣) في التركية: "ووجهوا".
(١٤) في التيمورية: "بنا".

<<  <   >  >>