واستدعى امْرَأَته، فَقَالَ لَهَا الْخَادِم: اخْرُجِي.
فَقَالَت: قل لَهُ: كَيفَ أخرج ومعك رجل غَرِيب، فَخرج الْخَادِم، وأعلمه بِمَا قَالَت.
فَقَالَ: لَا بُد من خُرُوجهَا تَأْكُل مَعنا، فَهُنَا من لَا أحتشمه.
فتأبت عَلَيْهِ، فَحلف بِالطَّلَاق لتخْرجن لَهُ، فَخرجت باكية، وَجَلَست مَعنا.
فَقَالَ لَهَا: أَخْرِجِي ابْنَتك.
فَقَالَت: يَا هَذَا، أوقد جننت؟ مَا الَّذِي حل بك، قد فضحتني وَأَنا امْرَأَة كَبِيرَة، فَكيف تهتك صبية عاتقا؟ فَحلف بِالطَّلَاق لتخرجنها، فَخرجت.
فَقَالَ: كلي مَعنا، فَرَأَيْت صبية كالدينار، مَا نظرت مقلتاي أحسن مِنْهَا، إِلَّا أَن لَوْنهَا قد اصفر جدا، وَهِي مَرِيضَة.
فَعلمت أَن ذَلِك لنزف الدَّم من يَدهَا، فَأَقْبَلت تَأْكُل بشمالها، ويمينها مخبوءة.
فَقَالَ لَهَا أَبوهَا: أَخْرِجِي يدك الْيُمْنَى.
فَقَالَت أمهَا: قد خرج بهَا خراج، هِيَ مشدودة، فَحلف لتخرجنها.
فَقَالَت لَهُ امْرَأَته: يَا رجل، اسْتُرْ على نَفسك وابنتك، فوَاللَّه، وَحلفت لَهُ بأيمان كَثِيرَة، مَا اطَّلَعت لهَذِهِ الصبية على سوء قطّ إِلَّا البارحة، فَإِنَّهَا جَاءَتْنِي بعد نصف اللَّيْل، فأيقظتني، وَقَالَت: يَا أُمِّي، الحقيني، وَإِلَّا تلفت.
فَقلت: مَا لَك؟ فَقَالَت: إِنَّه قد قطعت يَدي، وهوذا أنزف الدَّم، والساعة أَمُوت، فعالجيني، وأخرجت يَدهَا مَقْطُوعَة، فلطمت.
فَقَالَت: يَا أُمَّاهُ، لَا تفضحيني ونفسك بالصياح عِنْد أبي وَالْجِيرَان، وعالجيني.
فَقلت: لَا أَدْرِي بِمَ أعالجك.