فَقلت فِي نَفسِي: بلية وَالله.
وَأمرت الغلمان، فَاجْتمعُوا بأسرهم، متسلحين، فِي بَيت لَهُ قبَّة كَبِيرَة، كنت جَالِسا فِي أحد أروقته، وأمرتهم أَن لَا ينبسوا بِكَلِمَة.
وَقلت للحاجب: اصْعَدْ إِلَى السَّطْح، فَانْظُر مَا ترى، وَأَخْبرنِي بِهِ، فَفعل.
وَعَاد، فَقَالَ: رَأَيْت الشَّارِع مملوءًا بِالْخَيْلِ وَالرِّجَال، وَقد أحاطوا بِالدَّار من جنبات كَثِيرَة، وَلما رأوني أراقبهم تنحيت.
فصاح بِي الترجمان، قَائِلا: كلمني، وَمَا عَلَيْك بَأْس.
فأخرجت رَأْسِي، فَقَالَ: وَيحك، مَا جِئْنَا لمكروه، وَمَا جِئْنَا إِلَّا لبشارة، فَعرف سيدنَا بذلك.
فَقلت: لَيْسَ هُوَ فِي الدَّار، وَلَكِن أراسله، ثمَّ أخبر الْأَمِير أيده الله، فِي غَد، برَسُول إِلَى دَاره.
فَقَالَ: أَنا هَاهُنَا وَاقِف سَاعَة، إِلَى أَن يرى رَأْيه.
ففكرت، وَقلت: هَذِه حِيلَة للقبض عَليّ، لَا شكّ فِي ذَلِك.
ثمَّ رجعت، فَقلت: يجوز أَن يكون بجكم، قد تغير على الْكُوفِي، وَلَا يجد لخدمته غَيْرِي، واعترضني الطمع، وَكَاد أَن يفْسد رَأْيِي.
ثمَّ قلت للغلمان: إِن قلت لكم اخْرُجُوا، فضعوا على أبي بكر النَّقِيب، والترجمان أَيْدِيكُم، فاخرجوا وخذوا رأسيهما، وَلَا تستأذنوا الْبَتَّةَ، فَأَجَابُوا.
فَقلت: احْذَرُوا أَن تخالفوا فَأهْلك.
فَقَالُوا: نعم.
ثمَّ قلت للحاجب: اطلع السَّطْح، وَقل لَهُ: إِنِّي على حَال من اختلال الْفرش وَالْكِسْوَة، لَا أحب مَعَه دُخُول أحد إِلَيّ، فَإِن رضيت أَن تدخل أَنْت وَأَبُو بكر النَّقِيب فَقَط، وَإِلَّا فَأَنا أصلح أَمْرِي وأجيء إِلَى دَارك اللَّيْلَة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute