وَجَلَست أفكر فِي الطالع الَّذِي خرجت بِهِ، فَإِذا لَيْسَ مَا يُوجب، عِنْدهم، الْقطع عَليّ، وَالنَّاس قد أديروا إِلَى الشاطئ، وَأَنا فِي جُمْلَتهمْ، حَيْثُ تفرغ سفنهم، وينقل مَا فِيهَا إِلَى الشط، وهم يخبطون بِالسُّيُوفِ، وَكنت فِي وسط الكار، وَمَا انْتهى الْأَمر إِلَيّ.
فَجعلت أعجب من حُصُول الْقطع، وَأَن الطالع لَا يُوجِبهُ، وَلست أتهم علمي مَعَ هَذَا.
فَأَنا كَذَلِك، وَإِذا بسفينة فِيهَا رئيسهم قد طرح على زبزبي كَمَا يطْرَح على سفن التُّجَّار، ليشرف على مَا يُؤْخَذ مِنْهَا.
فحين رَآنِي، منع أَصْحَابه من انتهاب شَيْء من زبزبي، وَصعد إِلَيّ وَحده، فتأملني طَويلا، ثمَّ انكب وَقبل يَدي، وَكَانَ متلثمًا، فَلم أعرفهُ.
قَالَ: فارتعت، وَقلت: يَا هَذَا مَا لَك؟ فسفر، وَقَالَ: أما تعرفنِي يَا سَيِّدي؟ فتأملته، وَأَنا جزع، فَلم أعرفهُ.
فَقلت: لَا وَالله.
فَقَالَ: بلَى، أَنا عَبدك، ابْن فلَان الْكَرْخِي حاجبك، وَأَنا الصَّبِي الَّذِي ربيتني فِي دَارك، وَكنت تحملنِي على عُنُقك، وتطعمني بِيَدِك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute