بِأحد، وَتخرج علينا الرِّجَال الْكَثِيرَة، فألقاهم أَنا وَأخي فَقَط فنهزمهم، فاشتهر أمرنَا، حَتَّى كَانَ إِذا قيل قافلة عَاد وَشَدَّاد، لم يعرض لَهَا أحد، فَمَكثْنَا كَذَلِك سِنِين كَثِيرَة.
فخرجنا مرّة أَنا وَأخي، نسير قافلة قد خفرناها، فَلَمَّا صرنا بالفلاة، رَأينَا سوادًا مُقبلا نحونا، فأستطرفنا أَن يقدم علينا أحد، ثمَّ بَان لنا شخص رجل أسود، على نَاقَة حَمْرَاء، ثمَّ خالطنا.
وَقَالَ: هَذِه قافلة عَاد وَشَدَّاد؟ قُلْنَا: نعم.
فترجل ودعانا للبراز، فانتضينا سُيُوفنَا وانقضضنا عَلَيْهِ، فَضرب سَاق أخي بِالسَّيْفِ ضَرْبَة أقعدته، وَعدا عَليّ، فَقبض على كَتِفي، فَمَا أطقت الْحَرَكَة.
فكتفني، ثمَّ كتف أخي، وطرحنا على النَّاقة كالزاملتين، ثمَّ ركبهَا وَسَار بعد أَن أَخذ من الْقَافِلَة مَا كَانَ فِيهَا من عين، وورق، وحلي، وشيئًا من الزَّاد، وأوقر الرَّاحِلَة بذلك.
وَسَار بِنَا على غير محجة، فِي طَرِيق لَا نعرفه، بَقِيَّة يَوْمنَا وليلتنا وَبَعض الثَّانِي، حَتَّى أَتَى جبلا لَا نعرفه، فأوغل فِيهِ، وَبلغ إِلَى وَجه مِنْهُ فدخله، فَانْتهى إِلَى مغارات، فَأَنَاخَ الرَّاحِلَة، ثمَّ رمى بِنَا عَنْهَا، وَتَركنَا فِي الكتاف.
وَجَاء إِلَى مغارة على بَابهَا صَخْرَة عَظِيمَة لَا يقلعها إِلَّا الْجَمَاعَة، فنحاها عَن الْبَاب واستخرج مِنْهَا جَارِيَة حسناء، فَسَأَلَهَا عَن خَبَرهَا، وجلسا يأكلان مِمَّا جَاءَ بِهِ من الزَّاد، ثمَّ شربا، فَقَالَ لَهَا: قومِي، فَقَامَتْ، وَدخلت الْغَار.
ثمَّ جَاءَ إِلَى أخي، فذبحه وَأَنا أرَاهُ، وسلخه، وَأكله وَحده، حَتَّى لم يدع مِنْهُ إِلَّا عِظَامه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute