دَاره، وَجعله مصلى لِغِلْمَانِهِ.
قَالَ الرجل: فَلَمَّا كَانَ قبل الْمغرب مضيت إِلَى المخرم، فَصليت فِي الْمَسْجِد العشاءين، وَبت فِيهِ.
فَلَمَّا كَانَ وَقت السحر، إِذا بطيار لطيف قد قدم، وخدم قد نزلُوا وَمَعَهُمْ صناديق فارغة، فجعلوها فِي الْمَسْجِد، وَانْصَرفُوا، وَبَقِي وَاحِد مِنْهُم، فتأملته، فَإِذا هُوَ الْوَاسِطَة بيني وَبَينهَا.
ثمَّ صعدت الْجَارِيَة واستدعتني، فَقُمْت، وعانقتها، وَقبلت يَدهَا، وقبلتني قبلات كَثِيرَة، وضمتني، وبكيت، وبكت.
وتحدثنا سَاعَة، ثمَّ أجلستني فِي وَاحِد من الصناديق، وَكَانَ كَبِيرا، وأقفلته.
وَأَقْبل الخدم يتراجعون بِثِيَاب، وَمَاء ورد، وعطر، وَأَشْيَاء قد أحضروها من مَوَاضِع، وَهِي تفرق فِي بَاقِي الصناديق، وتقفل، ثمَّ حملت الصناديق فِي الطيار، وَانْحَدَرَ.
فلحقني من النَّدَم أَمر عَظِيم، وَقلت: قتلت نَفسِي لشَهْوَة لَعَلَّهَا لَا تتمّ، وَلَو تمت مَا ساوت قتل نَفسِي، وَأَقْبَلت أبْكِي، وأدعو الله عز وَجل، وَأَتُوب، وأنذر النذور، إِلَى أَن حملت الصناديق بِمَا فِيهَا، ليجاز بهَا فِي دَار الْخَلِيفَة، وَحمل صندوقي خادمان أَحدهمَا الْوَاسِطَة بيني وَبَينهَا.
وَهِي كلما اجتازت بطَائفَة من الخدم الموكلين بِأَبْوَاب الْحرم، قَالُوا: نُرِيد نفتش الصناديق، فتصيح على بَعضهم، وتشتم بَعضهم، وتداري بَعضهم.
إِلَى أَن انْتَهَت إِلَى خَادِم ظننته رَئِيس الْقَوْم، فخاطبته بخضوع وذلة، فَقَالَ لَهَا: لَا بُد من فتح الصناديق وَبَدَأَ بصندوقي فأنزله.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute