فَقَالَ: أَنا رجل من أهل الْمَدِينَة، خرجت يَوْمًا متنزهًا فِي ظَاهرهَا، وَقد سَالَ العقيق، فِي فتية وأقران، فبصرنا بفتيات قد خرجن لمثل مَا خرجنَا نَحن لَهُ، فجلسن قَرِيبا منا.
وَنظرت بَينهُنَّ إِلَى فتاة كَأَنَّهَا قضيب بَان قد طله الندى، تنظر بعينين، مَا ارْتَدَّ طرفهما إِلَّا بِنَفس من يلاحظهما، فأطلنا وأطلن، حَتَّى تفرق النَّاس.
وانصرفنا، وَقد أبقت بقلبي جرحا بطيئًا اندماله، فسرت إِلَى منزلي وَأَنا وقيذ.
وَخرجت من غَد إِلَى العقيق، وَلَيْسَ فِيهِ أحد، فَلم أر لَهَا أثرا، ثمَّ جعلت أتتبعها فِي طرق الْمَدِينَة وأسواقها، فَكَأَن الأَرْض ابتلعتها، وسقمت، حَتَّى يئس مني أَهلِي.
فأعلمت زَوْجَة أبي بذلك، فَقَالَت: لَا بَأْس عَلَيْك، هَذِه أَيَّام الرّبيع قد أَقبلت، وَهِي سنة خصب، والساعة يَأْتِي الْمَطَر، فَتخرج وَأخرج مَعَك، فَإِن النسْوَة سيجئن، فَإِذا رَأَيْتهَا اتبعتها، حَتَّى أعرف موضعهَا، ثمَّ أصل بَيْنكُمَا، وأسعى لَك فِي تَزْوِيجهَا.
قَالَ: فَكَأَن نَفسِي اطمأنت، وَرجعت، وَجَاء الْمَطَر، وسال العقيق، وَخرجت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute