للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأخذت صَخْرَة، وَكَانَ الْحَدِيد الَّذِي فِي رجْلي قد صَار كالزجاج لشدَّة الْبرد، قَالَ: فضربته ضربا شَدِيدا، فانكسر، وَطن الْجَبَل حَتَّى ظَنَنْت أَن سيسمعه من فِي القلعة لعظمه، فيتنبهون على صَوته، فَسلم الله عز وَجل من هَذَا أَيْضا، وَقطعت تكي، فشددت بِبَعْضِهَا الْقَيْد على ساقي، وَقمت أَمْشِي فِي الثَّلج.

فمشيت طَويلا، ثمَّ خفت أَن يرى أثري من غَد فِي الثَّلج على المحجة فيطلبوني، ويتبعوني، فَلَا أفوتهم، فعدلت عَن المحجة، إِلَى نهر، يُقَال لَهُ: الحابور، فَلَمَّا صرت على شاطئه، نزلت فِي المَاء إِلَى ركبتي، وَأَقْبَلت أَمْشِي كَذَلِك فرسخا، حَتَّى انْقَطع أثري، وخفي مَكَان رجْلي، ثمَّ خرجت لما كَادَت أطرافي تسْقط من الْبرد، فمشيت على شاطئه، ثمَّ عدت أَمْشِي فِيهِ، وَرُبمَا حصلت فِي مَوضِع لَا أقدر على الْمَشْي فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يكون جرفا، فأسبح.

فأمشي على ذَلِك أَرْبَعَة فراسخ، حَتَّى حصلت فِي خيم فِيهَا قوم، فأنكروني، وهموا بِي، فَإِذا هم أكراد، فقصصت عَلَيْهِم قصتي واستجرت بهم، فرحموني، وغطوني، وأوقدوا بَين يَدي نَارا، وأطعموني، وستروني، وانْتهى الطّلب من غَد إِلَيْهِم، فَمَا أعْطوا خبري أحدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>