أَنه لَا رَاحَة لي بِغَيْرِهِ.
فَقَالَ لي: إِن كنت صَادِقا فقد دنا فرجك.
فَسَأَلته عَمَّا دله على ذَلِك، فَقَالَ لي: إِنِّي وَقعت فِي نكبات أَشد هولا مِمَّا أَنْت فِيهِ، وَكَانَ عَاقبَتهَا الْفرج.
وأعلمني أَن بطرقة بَلَده لم تزل فِي آبَائِهِ يتوارثونها، وَأَن عَددهمْ كَانَ كثيرا، وَلم يبْق غير أَبِيه وَعَمه، وَكَانَت البطرقة إِلَى عَمه دون أَبِيه، فَأَبْطَأَ على أَبِيه وَعَمه الْوَلَد، فبذلا للمتطببين الْكثير من الْأَمْوَال لعلاجهما بِمَا يصلح الرِّجَال للنِّسَاء، إِلَى أَن بَطل الْعم، ويئس من الانتشار، فصرف بعض الْأَطِبَّاء عنايته إِلَى معالجة أبي البطريق، فعلقت أمه بِهِ.
فَلَمَّا علم الْعم أَنه قد علقت أمه بِهِ، جمع عدَّة من الحبالى، من أَلْسِنَة مُخْتَلفَة، مِنْهَا الْعَرَبِيّ، والرومي، والإفرنجي، والصقلابي، والخزري، وَغير ذَلِك، فوضعن فِي دَاره.
فَلَمَّا وضعت البطريق أمه، أَمر بتصيير أُولَئِكَ النِّسَاء كُلهنَّ مَعَه، وَتقدم إِلَى كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ، أَلا تكَلمه إِلَّا بلسانها.
فَلم تستتم لَهُ أَربع سِنِين، حَتَّى تكلم بِكُل الْأَلْسِنَة الَّتِي لأمهاته اللَّاتِي أرضعنه.
ثمَّ أَمر بتصيير ملاعبيه ومؤدبيه من جَمِيع أَجنَاس النِّسَاء اللواتي ربينه، فَكَانُوا يعلمونه الْكِتَابَة، وَقِرَاءَة كتبهمْ فَلم تمر عَلَيْهِ تسع سِنِين، حَتَّى عرف ذَلِك كُله.
ثمَّ أَمر عَمه أَن يضم إِلَيْهِ جمَاعَة من الفرسان يعلمونه الثقافة والمناولة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute