فَقَالَ لَهُم نازوك: اخْرُجُوا إِلَى مجْلِس الْإِعْطَاء، حَتَّى نخرج المَال إِلَى الْكتاب، فيقبضونكم.
فَقَالُوا: لَا نقبض إِلَّا هَهُنَا، وهجموا على التسعيني، يبوّقون، ويشتمون نازوك.
فَمضى نازوك من بَين أَيْديهم، يُرِيد الْمَمَر فِي الطَّرِيق الَّذِي ينفذ إِلَى دجلة، وَكَانَ قد سد آخِره بالْأَمْس؛ احْتِيَاطًا لحفظ من فِي الدَّار، وتحرزا من هَرَبهمْ، فَلَمَّا رَآهُ مسدودا رَجَعَ، فَاسْتَقْبلهُ جمَاعَة من الرجالة يطلبونه.
فَوَثَبَ عَلَيْهِ رجل أصفر مِنْهُم، فَضَربهُ بكلاب، وثناه آخر يكون فِي مطبخ أم المقتدر، وَله رزق فِي الرجالة، يُقَال لَهُ: سعيد، ويلقب: ضفدعا، فَقَتَلُوهُ، وَقتلُوا عجيبا، وَقَالُوا: لَا نُرِيد إِلَّا خليفتنا جَعْفَر المقتدر، وَقتل الخدم فِي الدَّار أَبَا الهيجاء، واختبأ القاهر فِي بعض الْحجر، عِنْد بعض الخدم.
وَأَقْبلُوا بِرَأْس نازوك على رمح قد خرج طرفه من وسط الرَّأْس إِلَى دَار مؤنس، وهم يَقُولُونَ: مقتدر، يَا مَنْصُور.
فطالبوا مؤنسا بالمقتدر، فخافهم على نَفسه، فَأخْرجهُ إِلَيْهِم، والمقتدر يستعفي من الْخُرُوج، وَيظْهر الزّهْد فِي الْخلَافَة، ويظن أَن مَا سَمعه حِيلَة على قَتله.
إِلَى أَن سمع صياح النَّاس: مقتدر، يَا مَنْصُور، وَأعلم بقتل نازوك وَأبي الهيجاء، فسكن.
وَقعد فِي طياره، وَانْحَدَرَ إِلَى دَاره، والرجالة يعدون على الشط بإزائه، إِلَى أَن خرج من الطيار، فالتحقوا بِهِ يقبلُونَ يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ، حَتَّى دخل دَاره.
وأحضر جمَاعَة من الهاشميين وَغَيرهم، فَبَايعُوهُ بيعَة ثَانِيَة، وَظهر ابْن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute