فَقَالَ لي: إِنَّك شَكَوْت إِلَيّ شكوى لم يكن جوابها الْكَلَام والتوجع، وَقد بِعْت جمَاعَة من التُّجَّار ثَلَاثِينَ ألف كرّ، من غلات السوَاد، واشترطت لَك ربع الرِّبْح، فَخذ كتابي هَذَا إِلَيْهِم، فَإِن أَحْبَبْت أَن تصبر إِلَى أَن تبَاع الْغلَّة؛ توفر ربحك، وَإِن ناظرت التُّجَّار، وَخرجت من حصتك بِرِبْح عَاجل؛ فَأَقل مَا يبذلونه لَك ثَلَاثُونَ ألف دِينَار، فدعوت لَهُ.
وَلَقِيت الْقَوْم، فَقَالُوا: أَنْت رجل سُلْطَان، وَلَا يتهيأ لَك مَا نَفْعل نَحن من الصَّبْر على الْغلَّة، وانتظار الأسعار، فَهَل لَك أَن تخرج مِنْهَا برح ثَلَاثِينَ ألف دِينَار مُعجلَة؟ فَقلت: نعم، فقبضتها فِي يَوْم وَاحِد، وانصرفت.
وَذكر أَبُو الْحُسَيْن فِي كِتَابه، قَالَ: حدث مُحَمَّد بن أَحْمد بن الخصيب، قَالَ: حَدثنِي من سمع أَحْمد بن أبي خَالِد الْأَحول يحدث، قَالَ: كَانَ السُّلْطَان قد جَفا خَالِد بن برمك، واطرحه، حَتَّى نالته إضاقة شَدِيدَة، وَكَاد أَن ينْكَشف.
فَحدثت أَن يحيى بن خَالِد أصبح يَوْمًا، فَخرجت إِلَيْهِ امْرَأَته؛ أم الْفضل، ابْنه، فَقَالَت لَهُ: مَا أصبح الْيَوْم فِي مَنْزِلك دَقِيق، وَلَا علف للدابة، وَلَا نَفَقَة لشَيْء.