قَالَ: فبيعوه.
فَبعثت بِهِ إِلَى سوق قنطرة البردان، فَبيع بنيف وَعشْرين درهما، فأنفقوها أَيَّامًا.
ثمَّ خرجت إِلَيْهِ، فَقَالَت: مَا قعودك؟ مَا عندنَا نَفَقَة، وَلَا دَقِيق، وَلَا علف للدابة.
فَركب يحيى، فَكَانَ أول من لقِيه أَبُو خَالِد الْأَحول، فَشَكا إِلَيْهِ مَا هُوَ فِيهِ، فَأمْسك، ثمَّ أَجَابَهُ بِجَوَاب ضَعِيف.
وَانْصَرف يحيى إِلَى منزله، وَقد كَاد يتْلف غما وندما، وَلَام زَوجته، وَأقَام أَيَّامًا لَا يركب، وَزَوجته تحتال فِيمَا تنْفق.
ثمَّ حركته على الرّكُوب، وَشَكتْ إِلَيْهِ انْقِطَاع الْحِيلَة، وَتعذر الْقُوت، فَركب، فَلَمَّا صَار فِي بعض الطَّرِيق؛ لقِيه أَبُو خَالِد.
فَقَالَ لَهُ: صرت إِلَيّ، وَسَأَلتنِي أمرا، حَتَّى إِذا أحكمته لَك؛ تركت تنجزه.
فَقَالَ: كرهت التثقيل عَلَيْك.
فَقَالَ: إِنَّك شَكَوْت إِلَيّ أَمرك، فغمني، وذكرته لأبي عبيد الله، فَتقدم إِلَيّ فِيهِ بِأَمْر، ثمَّ لم تصر إِلَيّ، فتعال معي الْآن إِلَى الدِّيوَان.
قَالَ يحيى: فمضيت مَعَه إِلَى الدِّيوَان، فأحضر التُّجَّار المبتاعين لغلات الأهواز، فَقَالَ لَهُم: هَذَا الرجل الَّذِي جعل لَهُ الْوَزير سَهْما مَعكُمْ فِيمَا ابتعتموه فحاسبوه على مَا بَيْنكُم وَبَينه.
قَالَ يحيى: فَأخذ التُّجَّار بيَدي إِلَى نَاحيَة، فواقفوني على ربح خمسين ألف دِينَار، وَأَن أدعهم وَالْغلَّة، فَمَا بَرحت، حَتَّى راج لي المَال، وَحَمَلته إِلَى منزلي.
وعرّفت أبي الْحَال، فَأخذ من المَال عشْرين ألفا، وَقَالَ: هَذِه تكفيني
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute