فَقلت: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون، مَاتَت جاريتي، وَملك الدَّار بعض الْجِيرَان، فَبَاعَهَا من رجل من أَصْحَاب السُّلْطَان.
ثمَّ تقدم تبَارك وَتَعَالَى إِلَى بقال كنت أعرفهُ فِي الْمحلة، فَوجدت فِي دكانه غُلَاما حَدثا.
فَقلت لَهُ: من تكون من فلَان الْبَقَّال؟ فَقَالَ: أَنا ابْنه.
فَقلت: وَمَتى مَاتَ؟ قَالَ: مُنْذُ عشْرين سنة.
قلت: لمن هَذِه الدَّار؟ قَالَ لِابْنِ داية أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَهُوَ الْآن صَاحب بَيت مَاله.
قلت: بِمن يعرف؟ قَالَ: بِابْن فلَان الصَّيْرَفِي، فأسماني.
قلت: فَهَذِهِ الدَّار من بَاعهَا إِلَيْهِ.
قَالَ: هَذِه دَار أَبِيه.
قلت: وَأَبوهُ يعِيش؟ قَالَ: لَا.
قلت: أتعرف من حَدِيثهمْ شَيْئا؟ قَالَ: نعم، حَدثنِي أبي، أَن وَالِد هَذَا الرجل كَانَ صيرفيا جَلِيلًا، فافتقر، وَأَن أم هَذَا الرجل ضربهَا الطلق، فَخرج أَبوهُ يطْلب لَهَا شَيْئا، ففقد، وَهلك.
وَقَالَ أبي: جَاءَنِي رَسُول أم هَذَا، يطْلب لَهَا شَيْئا، وَهِي تستغيث بِي، فَقُمْت لَهَا بحوائج الْولادَة، وَدفعت لَهَا عشرَة دَرَاهِم، فَمَا أنفقتها حَتَّى قيل: قد ولد لأمير الْمُؤمنِينَ الرشيد مَوْلُود ذكر، وَقد عرض عَلَيْهِ جَمِيع الدايات، فَلم يقبل ثديهن، وَقد طلب لَهُ الْحَرَائِر، فجاءوه بِغَيْر وَاحِدَة، فَمَا أَخذ ثدي وَاحِدَة مِنْهُنَّ، وهم فِي طلب مرضع.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute