ووقع فيه قول العباس لعلي - رضي الله عنهم -[٦: ١٥، ٦]:
(اذهب بنا إلى رسول الله فلنسألنه فيمن هذا الأمر، إن كان فينا علمنا ذلك، وإن كان في غيرنا علمناه، فأوصى بنا، فقال علي: إنا لله لئن سألناها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو منعهما الخلافة بعده، أو منع آل بيته الخلافة، على اختلاف الاحتمال في المراد من ضمير المتكلم وغيره في قوله:«سألناها» وما بعده. فإنما يفعل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأجل وجود الأرجح منهما لولاية أمور المسلمين، فيتوهم الناس أو كثير منهم أن ذلك المنع لعدم أهليتهما لذلك بالنسبة إليهما، أو أنه لإبعاد آل بيته عن الدخول بين المسلمين ليكونوا مع الأمة مظاهر رأفة لا غير، فيظن أن الولاية لا تليق بآل الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما مُنعوا من أخذ الصدقات. فيصير ذلك باعثًا للناس على إبعادهما أو إبعاد آل بيت النبي عن الولاية، وذلك لا خير فيه ولا في ظنه.
فهذا مراد علي - رضي الله عنه -؛ وليس مراده التحيل على إخفاء مقصد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، إذ قد علم علي أن لو أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرًا لأظهره؛ ولكن الحكمة كانت في عدم التعرض لهذا الأمر.