للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيه: المحرَّم على المُحرم ذبحُه إنما هو الصيد، فأما المستأنس كالدجاج والغنم والإبل، فللمحرم أن يذَكيها، لأن التحريم مخصوص بالصيد، أي: بما شأنه أن يصاد وهو الوحش فبقي غيره على عموم الإباحة، وهذا متفق عليه بين المذاهب (١).

٤ - أن يسمى على الذبيحة إذا ذَكَر (٢): فإن تعمَّد تركها -وهو قادر على النطق بها- لم تؤكل ذبيحته عند الجمهور ومن نسيها أو كان أخرس أُكلت ذبيحته، قال تعالى: {وَلاَ تَاكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} (٣).

ولحديث رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أنهر الدم، وذكر اسم الله فكُلْ ...» (٤).

ولذا اشترط الجمهور التسمية على الذبيحة -عند التذكر والقدوة- وقال الشافعي -وهو رواية عن أحمد- أنها مستحبة وليست واجبة، لحديث عائشة: أن قومًا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن قومنا يأتوننا بلحم لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا؟ فقال: «سمُّوا عليه أنتم وكلوا» قالت: وكانوا حديثي عهد بالكفر (٥).

فلو كانت التسمية شرطًا لما حلت الذبيحة مع الشك في وجودها، لأن الشك في الشرط شك فيما شرطت له.

واستدلوا كذلك بأن الله أباح لنا ذبائح أهل الكتاب وهم لا يذكرونها، وأجابوا عن قوله تعالى {وَلاَ تَاكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} (٦) بأن المراد: ما ذكر عليه اسم غير الله، يعني: ما ذبح للأصنام بدليل قوله تعالى {وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} (٧) وسياق الآية دالٌّ عليه، فإنه قال: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} والحالة التي يكون فيها فسقًا هي الإهلال لغير الله، كما قال تعالى: {أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} (٨).


(١) «البدائع» (٥/ ٥٠)، و «الشرح الصغير» (١/ ٢٩٧)، و «نهاية المحتاج» (٣/ ٣٣٢)، و «كشاف القناع» (٢/ ٤٣٧).
(٢) «البدائع» (٥/ ٤٦)، و «الشرح الصغير» (١/ ٣١٩)، و «البجيرمي» (٤/ ٢٥١)، و «المغنى» (٨/ ٥٦٥).
(٣) سورة الأنعام: ١٢١.
(٤) صحيح: تقدم قريبًا.
(٥) صحيح: أخرجه البخاري (٢٠٥٧) وغيره.
(٦) سورة الأنعام: ١٣١.
(٧) سورة المائدة: ٣.
(٨) سورة الأنعام: ١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>