للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن حزم: لا تصح تذكية غير البالغ كالمجنون والسكران لأنهم غير مخاطبين بخطاب الشرع في قوله تعالى {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} (١) إذ هم غير مكلفين.

٢ - أن يكون مسلمًا أو كتابيًا (يهوديًّا أو نصرانيًّا): فلا تحل ذبيحة الوثني والمجوسي، وهذا متفق عليه، لأن غير المسلم والكتابي لا يخلص ذكر اسم الله، وذلك أن المشرك يُهل لغير الله أو يذبح على النصب، وقد قال تعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ... وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} (٢) والمجوسي لا يذكر اسم الله على الذبيحة (٣).

وأما أهل الكتاب فإنما حلت ذبيحتهم لقوله تعالى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ} (٤) قال ابن عباس «طعامهم: ذبائحهم» (٥).

ويؤيد هذا، أنه لو لم يكن المراد بطعامهم: ذبحائهم، لم يكن للتخصيص بأهل الكتاب معنى، لأن غير الذبائح من أطعمة سائر الكفرة حلال، ولو فرض أن الطعام غير مختص بالذبائح فهو اسم لما يُطعم، فيدخل فيه الذبائح، وتكون حلالاً (٦).

تنبيه: إنما تحلُّ ذبيحة الكتابي إذا لم يُعلم أنه ذكر عليها غير اسم الله تعالى، فإن ذكر عليه اسم غير الله كأن قال: باسم المسيح أو العذراء أو الصنم، لم يؤكل، لقوله تعالى في بيان المحرَّمات: {وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} (٧).

٣ - أن لا يكون مُحرمًا إذا ذبح صيد البر: فإن المحرم يحرم عليه التعرض للصيد البري سواء كان التعرض بالاصطياد أو الذبح أو القتل، ويحرم عليه كذلك أن يَدُلَّ الحلال على صيد البر أو يشير إليه، كما تقدم في «الحج»، فما ذبحه المحرم من صيد البر فهو ميتة وكذلك ما ذبحه الحلال بدلالة المحرم أو إشارته، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ} (٨) وقال سبحانه {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً} (٩).


(١) سورة المائدة: ٣.
(٢) سورة المائدة: ٣.
(٣) «الموسوعة الفقهية» (٢١/ ١٨٤).
(٤) سورة المائدة: ٤.
(٥) أخرجه البخاري تعليقًا (٩/ ٦٣٦).
(٦) «البدائع» (٥/ ٤٥)، و «الخرشي» (٢/ ٣٠١)، و «نهاية المحتاج» (٨/ ١٠٦)، و «المقنع» (٣/ ٥٣٥).
(٧) سورة المائدة: ٣.
(٨) سورة المائدة: ٩٥.
(٩) سورة المائدة: ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>