للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدة وإنما اعتبروا الإسكار، قلت: وهو الأقرب، فعن جارية حبشية قالت: «كنت أنبذ للنبي صلى الله عليه وسلم في سقاء من الليل وأوكيه وأعلقه، فإذا أصبح شرب منه» (١).

وعن ابن عباس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتبذ له أول الليل فيشربه إذا أصبح يومه ذلك، والليلة التي تجيء، والغد، والليلة الأخرى، والغد إلى العصر، فإن بقي شيء سقاه الخادم، أو أمر به فصُبَّ» (٢).

أي: إن كان بدا في طعمه بعض التغيير ولم يشتد سقاه الخادم، وإن اشتد أمر بإهراقه.

شرب الدُّخان (التدخين):

عندما ظهر (التبغ) واستعمله بعض الناس، وكان ذلك في أوائل القرن الحادي عشر للهجرة، اختلف الفقهاء في حكمه، فمنهم من قال بحرمته، ومنهم من كرهه ومنهم من أباحه!!

وخلاصة القول فيه أن التدخين حرام، لأن كل علل التحريم متوفرة فيه وهي:

١ - كونه يحدث تفتيرًا وخَدَرًا في الجسم، وقد «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومُفتِّر» (٣).

٢ - كونها من الخبائث لاسيما وأن هذه العُشبة (التنباك) تُبَل بالخمر ولابد (!!) ولا يتصور عاقل أن «الدخان» من الطيبات، وقد قال تعالى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} (٤).

٣ - أن هذا الدخان قد ثبت ضرره على بدن الإنسان لما فيه من المواد السامة المهلكة كالنيكوتين والقطران وغيرهما مما يتسبب في سرطان الرئة والحنجرة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» (٥). وقال سحبانه {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} (٦) ولا فرق في حرمة المُضرِّ بين كل ضرره دفعيًّا -أي: يحصل دفعة واحدة- أو تدريجيًّا.


(١) صحيح: أخرجه مسلم (٢٠٠٥).
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (٢٠٠٤).
(٣) ضعيف: تقدم قريبًا.
(٤) سورة الأعراف: ١٥٧.
(٥) حسن: تقدم كثيرًا.
(٦) سورة النساء: ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>