للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتمر والزبيب، ولو لم يشتدَّا، لحديث أبي قتادة قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجمع بين التمر والزهو، والتمر والزبيب، ولينبذ كل واحد منهما على حدة» (١).

وعن جابر بن عبد الله: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يخلط الزبيب والتمر، والبسر والتمر» (٢).

ووجه النهي عن انتباذ الخليطين أن الإسكار يسرع إلى ذلك بسبب الخلط قبل أن يتغير، فيظن الشارب أنه ليس بمسكر، ويكون مسكرًا، فنهى عنه سدًّا للذريعة.

وقد ذهب إلى تحريم الخليطين -وإن لم يكن مسكرًا- مالك، وهو ظاهر كلام أحمد والشافعي، وبه قال إسحاق وابن حزم (لكنه خصَّه بالأنواع المذكورة دون غيرها).

وذهب الجمهور من الشافعية والحنابلة إلى أنه يكره ما لم يصل إلى حدِّ الإسكار فيحرُم حينئذ، وأوَّل الحنابلة قول أحمد -رحمه الله-: «الخليطان حرام» بأن مراده: إذا اشتد وأسكر.

وأما أبو حنيفة -رحمه الله- فقال: لا بأس بالخليطين ما لم يصل إلى حدِّ الإسكار!! لأن كلاًّ منهما يحل منفردًا فلا يُكره مجتمعًا (!!) واستُدلَّ له بما يُروى عن عائشة قالت: «كنا ننبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سقاء فنأخذ قبضة من تمر وقبضة من زبيب فنطرحها، ثم نصب عليه الماء فننبذه غدوة، فيشربه عشية، وننبذه عشية فيشربه غدوة» (٣) وهو ضعيف لا يحتج به.

قلت: النهي يقتضي التحريم ما لم يصرفه صارف، ثم إن من المعلوم أنه إذا وُجد الإسكار حَرُم الشراب سواء كان من خليطين أو من نوع واحد مستقلٍّ!!

النبيذ من صنف واحد (٤):

النبيذ هو: ما يلقى من التمر أو الزبيب أو نحوهما في الماء حتى يحلو ويكسبه طعمه، ثم يشرب.

وهو مباح إذا كانت مدة الانتباذ قريبة أو يسيرة بحيث لم يشتد ولم يصر مسكرًا، وحدَّ الحنابلة هذه المدة بيوم وليلة (!!) وأما المالكية والشافعية فلم يعتبروا


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٥١٧٣)، ومسلم (١٩٨٧).
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (١٩٨٦).
(٣) ضعيف: أخرجه ابن ماجه (٣٣٩٨).
(٤) «المدونة» (٦/ ٢٦٣)، و «روضة الطالبين» (١٠/ ١٦٨)، و «المغنى» (٨/ ٣١٧ - ٣١٩)، و «فتح الباري» (١٠/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>