للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استأذن عثمان فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوَّى ثيابه، وقال: "ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة؟! " (١).

وأجيب: بأنها واقعة عين وحكاية حال لا تنتهض على معارضة الأحاديث المتقدمة العامة لجميع الرجال!! وكذلك فقد وقع تردد في رواية "مسلم" بين الفخذ والساق، ففي بعض ألفاظه: "كاشفًا عن فخذيه أو ساقيه"!! والساق ليس بعورة إجماعًا.

٣ - حديث جابر قال: "احتجم النبي صلى الله عليه وسلم على وركه من وثء (٢) كان به" (٣).

وأجيب: بأن كشف النبي صلى الله عليه وسلم وركه للحجام لا يدل على أنه ليس بعورة، لأنه كشف اقتضته ضرورة المعالجة، وهو جائز اتفاقًا.

* الراجح:

قلت: الذي يظهر أن أدلة الجمهور -القولية- يُعضِّد بعضها بعضًا وترتقي إلى درجة الحجية، وهي مقدَّمة على أدلة الفريق الآخر لأن أدلتهم وقائع أعيان لا عموم لها، وهذا موطن يُقدَّم فيه القول على الفعل بلا تردد، فإن قيل: لم سلكتم مسلك الترجيح ولم تجمعوا، مع أن إعمال الأدلة أولى من إهمال بعضها؟ قيل: لأن الفخذ إما أن تكون عورة أو لا تكون، ولا وَسَط، فتحتَّم الترجيح، وبهذا يُعلم أن ما جمع به ابن القيم في "تهذيب السنن" واستحسنه الألباني -رحمهما الله- في "الإرواء" (١/ ٣٠١) بين الأحاديث بأن: "العورة عورتان، مخففة ومغلظة، فالمغلَّظة السوأتان، والمحففة الفخذان، ولا تنافي بين الأمر بغض البصر عن الفخذين لكونهما عورة، وبين كشفهما لكونهما عورة مخففة" فهذا غير متجه والله.

* ما يباح ويستحب من اللباس للرجال:

* أحسن الثياب: البيض:

١ - عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "البسوا من ثيابكم البياض، فإنها أطهر وأطيب، وكفنوا فيها موتاكم" (٤).


(١) صحيح: أخرجه مسلم (٢٤٠١).
(٢) الوثء: وجع يصيب العضو من غير كسر.
(٣) ضعيف: أخرجه أبو داود (٣٨٦٣) وفي سنده لين، وهو عند النسائي (٢٨٤٨)، وابن ماجة (٣٤٨٥)، لكن ليس عندهما ذكر «الورك»، بل احتجم في قدمه!!
(٤) صحيح: أخرجه النسائي (٤/ ٣٤ - ٨/ ٢٠٥)، وابن ماجة (٣٥٦٧)، وأحمد (٥/ ١٢، ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>