للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى: لا يجوز للرجال التشبه بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء والعكس.

وعن أبي هريرة قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل" (١).

* فائدة: الضابط في نهيه صلى الله عليه وسلم عن تشبه كلا الجنسين بالآخر، ليس راجعًا إلى مجرد ما يختاره الرجال والنساء وما يشتهونه ويعتادونه، وإنما هو راجع إلى ما يصلح للرجال وما يصلح للنساء،

فإن ما يصلح للنساء لابد أن يناسب ما أمرن به من الاستتار والاحتجاب دون التبرج والظهور، فالشارع له مقصودان: أحدهما: الفرق بين الرجال والنساء، والثاني: احتجاب النساء، ولابد من حصولهما جميعًا (٢).

* الشرط السابع: أن لا يشبه لباس الكافرات:

لما تقرر في الشرع أنه لا يجوز للمسلمين -رجالًا ونساءً- التشبه بالكفار سواء في عبادتهم أو أعيادهم أو أزيائهم الخاصة بهم.

وقد تضافرت النصوص الشرعية لتقرير هذه القاعدة، ومما يتعلق بالثياب حديث عبد الله بن عمرو قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ ثوبين معصفرين، فقال: "إن هذه ثياب الكفار فلا تلبسها" (٣).

والنصوص غير هذا كثيرة جدًا، والمقصود هنا أن يُعلم أنه لا يجوز أن تلبس المرأة ثوبًا فيه مشابهة للباس الكافرات، فإن المشاركة في الهدي الظاهر تورث تناسبًا وتشاكلًا بين المتشابهين، يقود إلى الموافقة في الأخلاق والأعمال، وهذا أمر محسوس (٤).

الشرط الثامن: أن لا يكون لباس شهرة:

لحديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة، ثم ألهب فيه نارًا" (٥).


(١) أبو داود (٤٠٩٨)، وأحمد (٢/ ٣٢٥) بسند صحيح.
(٢) أفاد معناه شيخ الإسلام كما نقله الألباني في «الجلباب» (ص ١٥٠ وما بعدها) عن «الكواكب» لابن عروة الحنبلي (٩٣/ ١٣٢ - ١٣٤).
(٣) مسلم (٢٠٧٧)، والنسائي (٢/ ٢٩٨)، وأحمد (٢/ ١٦٢).
(٤) راجع لهذا كتاب «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية، فإنه لا مثيل له.
(٥) أبو داود (٤٠٢٩)، وابن ماجة (٣٦٠٧) بسند حسن لغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>