للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وذهب الشافعي وبعض أهل العلم إلى أن من كان من بني إسرائيل يدين بدين اليهود أو النصارى نُكح نساؤه وأكلت ذبيحته، أما من دان بدينهم من غيرهم من العرب أو العجم لم تُنكح نساؤه ولم تحل ذبيحته (!!) وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبعض السلف:

فعن عبيدة عن عليٍّ قال: "لا تؤكل ذبائح نصارى العرب، فإنهم لا يتمسَّكون من النصرانية إلا بشرب الخمر" (١).

لكن هذا القول لا دليل عليه من كتاب أو سنة مرفوعة، وأما قول عليٍّ فهو مُعارض بقول غيره من الصحابة، بل قال ابن عباس: "كلوا ذبائح بني تغلب وتزوَّجوا نساءهم، فإن الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض} (٢) فلو لم يكونوا منهم إلا بالولاية لكانوا منهم" (٣).

وقد "كتب عامل عمر إلى عمر أن قبلنا ناسًا يُدعون السامرة يقرأون التوراة، ويسبتون السبت، ولا يؤمنون بالبعث، فما ترى يا أمير المؤمنين في ذبائحهم فكتب إليه عمر بن الخطاب أنهم طائفة من أهل الكتاب" (٤).

قلت: وقد تقدم أن إنكار عمر على حذيفة زواجهُ باليهودية لم يكن لتحريمه وإنما خشية أن يتزوج المسلمون المومسات والزانيات منهن، وهذا أمر معتبر ينبغي التنبُّه إليه مع القول بالإباحة، والله أعلم.

* أما المسلمة فلا يحلُّ لها الزواج بالكافر: سواء كان من أهل الكتاب أو من غيرهم، لقوله سبحانه: {ولا تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه} (٥).

وقوله تعالى: {فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن} (٦).


(١) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق (٦/ ٧٢)، والبيهقي (٩/ ٢١٧).
(٢) سورة المائدة: ٥١.
(٣) إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنَّف» (٣/ ٤٧٧)، والبيهقي (٩/ ٢١٧).
(٤) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق (٧/ ١٨٧)، والبيهقي (٧/ ١٧٣).
(٥) سورة البقرة: ٢٢١.
(٦) سورة الممتحنة: ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>