للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: يجوز الخطبة على خطبته، وهو مذهب أحمد والأوزاعي وابن المنذر والخطابي:

١ - لقوله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن أخو المؤمن، فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر" (١).

وقد قطع الله الأخوة بين الكافر والمسلم، فيختص النهي بالمسلم.

٢ - أن الأصل الإباحة حتى يرد المنع، وقد ورد المنع -أي من الخطبة على الخطبة- مقيدًا بالمسلم فبقي ما عدا ذلك على أصل الإباحة.

٣ - أن لفظ النهي خاصٌّ في المسلم، وإلحاق غيره به إنما يصح إذا كان مثله، وليس الذمي كالمسلم، ولا حرمته كحرمته، ولذلك لم تجب إجابتهم في دعوة الوليمة ونحوها.

الثاني: أنه يَحْرُم الخطبة على خطبة الكافر، وهو مذهب الجمهور، قالوا: لما في ذلك من الإيذاء للخاطب الأول!! وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يخطب الرجل على خطبة أخيه" فقد خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له!!

قلت: والأوَّل أرجح، وأما قولهم: (خرج مخرج الغالب)، فقال ابن قدامة: "متى كان في المخصوص بالذكر معنى يصح أن يُعتبر في الحكم، لم يَجُزْ حذفُه ولا تعدية الحكم بدونه، وللأخوة الإسلامية تأثير في وجوب الاحترام، وزيادة الاحتياط في رعاية حقوقه، وحفظ قلبه، واستبقاء مودَّته، فلا يجوز خلاف ذلك والله أعلم" اهـ.

* الاستشارة في الخطبة، وذكر عيوب الخاطب (٢):

إذا استُشير إنسان في خاطب أو مخطوبة فعليه أن يصدق ولو بذكر مساوئه، ولا يكون هذا من الغيبة المحرمة إذا قصد بذلك النصيحة والتحذير لا الإيذاء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت

قيس لما استشارته: "أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له" (٣) وقال صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة" (٤).


(١) «شرح الزرقاني» (٣/ ١٦٤)، و «أسنى المطالب» (٣/ ١١٥)، و «المغني» (٦/ ٦٠٨)، و «فتح الباري» (٩/ ٢٠٠)، و «شرح مسلم» (٣/ ٥٧٠)، و «جامع أحكام النساء» (٣/ ٢٤١).
(٢) «جواهر الإكليل» (١/ ٢٧٦)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٢٠٠)، و «روضة الطالبين» (٧/ ٣٢)، و «كشاف القناع» (٥/ ١١).
(٣) صحيح: تقدم مرارًا.
(٤) صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>