للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالشرع، فيعتبر تغييرها تغييرًا لما أوجبه الشرع بمنزلة تغيير العبادة، فصار زواجه بالثانية والسفر ونحو ذلك -مما هو حلال- حرامًا بمقتضى العقد، فكأن في الشرط تعدِّيًا على حدود الله وزيادة في الدين.

القول الثاني: يصح الشرط، ولا يلزم الوفاء به، ولها فسخ العقد إذا أخلَّ بالشرط:

وهذا مذهب الإمام أحمد والأوزاعي وإسحاق وأبي ثور وهو مروي عن عمر بن الخطاب وسعد بن أبي وقاص ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم، وهو اختيار شيخ الإسلام، وحجتهم ما يلي:

١ - أن التحقيق: أن الأصل في العقود والشروط الإباحة لأنها من باب الأفعال العادية.

٢ - عموم النصوص الآمر بالوفاء بالعهود والشروط والعقود، ومنها:

(أ) قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} (١).

(ب) وقوله سبحانه: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولًا} (٢).

(جـ) قوله تعالى: {والذين هم لآماناتهم وعهدهم راعون} (٣).

(د) قوله صلى الله عليه وسلم: "آية المنافق ثلاث ... ، وإذا وعد أخلف" (٤).

فإذا كان الوفاء ورعاية العهد مأمورًا به عُلم أن الأصل صحة العقود والشروط، إذ لا معنى للتصحيح إلا ما ترتب عليه أثره، وحصل به مقصوده، ومقصود العقد هو الوفاء به (٥).

٣ - أن قوله صلى الله عليه وسلم: "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط" (٦) الصحيح أن معناه: جاء في كتاب الله نفيه أوتحريمه وإبطاله فهو باطل، وإن لم يوجد ما يدل على تحريمه كان صحيحًا.


(١) سورة الإسراء: ٣٤.
(٢) سورة المؤمنون: ٨.
(٣) صحيح: أخرجه البخاري، ومسلم (٥٩).
(٤) «مجموع الفتاوى» (٢٩/ ١٤٦) وانظر في البخاري باب «ما يجوز من الشروط في الإسلام والأحكام والمبايعة».
(٥)
(٦) صحيح: تقدم قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>