للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو أن المراد بكونه في كتاب الله: أن الشارع أباحه، فإن كان المشروط فعلًا أو حكمًا مباحًا (يجوز فعله وتركه) جاز اشتراطه، ووجب الوفاء به، وإن لم يبحه الله لم يجز اشتراطه.

٤ - حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أحق الشروط أن توفوا بها: ما استحللتم به الفروج" (١) فدلَّ على أن الوفاء بالشروط في النكاح أولى منها في غيره من العقود، لأن أمره أحوط وبابه أضيق (٢).

٥ - حديث المسور بن مخرمة قال: إن عليًّا خطب بنت أبى جهل، فسَمعتْ بذلك فاطمة، فأتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يزعم قومك أنك لا تغضب لبناتك، وهذا عليٌّ ناكح بنت أبى جهل، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسمعتُه حين تشهد يقول: "أما بعد، أنكحتُ أبا العاص ابن الربيع فحدثنى وصَدَقنى، وإن فاطمة بضعة منى، وإنى أكره أن يسوءها، والله لا تجتمع بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبنت عدو الله عند رجل واحد". فترك عليٌّ الخطبة (٣).

قال الحافظ (٧/ ٨٦): لعلَّه كان شرط على نفسه أن لا يتزوج [يعني: أبا العاص] على زينب وكذلك عليٌّ، فإن لم يكن كذلك فهو محمول على أن عليًّا نسي ذلك الشرط فلذلك أقدم على الخطبة، أو لم يقع عليه شرط إذ لم يُصرح بالشرِّط، لكن كان ينبغي له ان يراعي هذا القدر فلذلك وقعت المعاتبة. اهـ.

٦ - عن عبد الرحمن بن غنم قال: كنت جالسًا عند عمر بن الخطاب حيث تمس ركبتي ركبته، فقال رجل لأمير المؤمنين: تزوَّجتُ هذه، وشرطَتْ لها دارها، وإني أجمع لأمري -أو: لشأني- أن ينتقل إلى أرض كذا وكذا، فقال: "لها شرطها" فقال رجل: هلكتْ الرجال إذًا، لا تشاء امرأة أن تطلق زوجها إلا طلقت!

فقال عمر: "المسلمون على شرطهم عند مقاطع حقوقهم" (٤).

٧ - قوله صلى الله عليه وسلم -المتقدم- "المسلمون على شروطهم، إلا شرطًا حرَّم حلالًا، أو أحلَّ حرامًا" (٥).


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٢٧٢١)، ومسلم (١٤١٨).
(٢) «فتح الباري» (٩/ ٢١٨ - المعرفة).
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٣٧٢٩)، ومسلم (٢٤٤٩).
(٤) صحيح: علَّقه البخاري مختصرًا (٩/ ٣٢٣ - فتح)، ووصله سعيد بن منصور (٦٦٣)، وعبد الرزاق (١٠٦٠٨)، وابن أبي شيبة (٤/ ١٩٩)، والبيهقي (٧/ ٢٤٩).
(٥) تقدم قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>