للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فهذه الشروط الجائزة لا تحرم الحلال، فمن اشترطت على زوجها أن لا يتزوج بغيرها، فإنه لا يصير الزواج عليه حرامًا، ولكن إذا تزوَّج فلها فسخ العقد، فأين تحريم الحلال؟ " (١).

قلت: والراجح أن اشتراط ما هو مباح في الشرع (يجوز فعله ويجوز تركه) ولم يأت في الشرع النهي عنه، أنه جائز في النكاح للأدلة المتقدمة، ولحاجة الناس في بعض الأحيان إليها، فإن أخلَّ أحد الطرفين بهذه الشروط، جاز للآخر فسخ العقد، والله تعالى أعلم.

* ما حكم زواج "المِسْيار"؟

زواج المسيار (٢) من أنواع الزواج المستجدة في بعض البلاد، وخلاصة ما فهمته في تعريفه أنه: "عقد الرجل زواجه على المرأة عقدًا شرعيًا مستوفيًا شروطه وأركانه، إلا أن المرأة تتنازل فيه -برضاها- عن بعض حقوقها على الزوج كالسكنى والنفقة والمبيت عندها والقسم لها مع الزوجات ونحو ذلك".

ومن أهم الأسباب المؤدية إلى نشأة هذا النوع من الزواج وانتشاره في بعض البلاد: وجود عدد من النساء اللاتي بلغن سن الزواج وتقدم بهن العمر دون زواج، أو تزوجن وفارقن الأزواج لموت أو طلاق، بالإضافة إلى الغريزة الجنسية، واحتياج المرأة إلى الرجل، هذا من جانب المرأة.

وأما من جانب الرجل فقد يدفعه إلى هذا الزواج الرغبة العارمة -عند بعضهم- في المعاشرة الجنسية، وعدم اكتفائه بزوجة واحدة، مع عدم قدرته على تحمل ما يستلزم الزواج الآخر من مهر ونفقة وسكنى ونحو ذلك، وقد يدفعه إلى ذلك رفض زوجته الأولى لزواجه من أخرى، أو رغبته في الاستيلاء على مال هذه المرأة -إذا كانت غنية- مع خشيتها من فراقه مما يدفعها إلى بذل مالها، إلى غير ذلك من الأسباب.

ولكن ما حكم هذا النوع من الزواج شرعًا؟

يتضح من التعريف السابق زواج المسيار: عقد زواج تضمَّن شرطًا يوجب إسقاط بعض حقوق الزوجة على زوجها، ولذا ناسب أن يُبحث في مبحث


(١) «أحكام الزواج» د. الأشقر (ص: ١٩٠) بتصرف يسير.
(٢) المسيار: صيغة مبالغة يوصف بها الرجل كثير السير، فلعل سرَّ تسمية هذا الزواج بذلك أن الزواج لا يستقر عند زوجته بل هو دائم الترحال لا بأتيها إلا زائرًا!!.

<<  <  ج: ص:  >  >>