للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الشروط في العقد" وقد اختلفت آراء الفقهاء المعاصرين في صحة هذا الزواج على ثلاثة أقوال (١):

الأول: أنه مباح مع الكراهة، ومأخذ هذا القول أنه عقد استوفى أركانه وشرائطه الشرعية ولم يتَّخذ ذريعة إلى الحرم -كنكاح التحليل والمتعة- وغاية ما فيه أن الزوجين ارتضيا واتفقا على أن لا يكون للزوجة حق المبيت أو القسم أو النفقة ونحو ذلك، وقد ثبت أن أم المؤمنين سودة بنت زمعة رضي الله عنها لما كبرت وهبت يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ضرتها عائشة "فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومين: يومها، ويوم سودة" (٢).

فدلَّ على أن من حق الزوجة أن تسقط حقها الذي جعله الشارع لها كالمبيت والنفقة.

ثم إن الزواج إشباع لغريزة الفطرة عند المرأة وكفٌّ لها عن الفاحشة وقد ترزق فيه بالولد.

أما سرُّ كراهة هذا النوع -رغم إباحته- فهو افتقاره إلى تحقيق مقاصد الشريعة في الزواج من السكن النفسي والإشراف على الأهل والأولاد ورعاية الأسرة بنحو وتربية أحكم.

* فائدة: من القائلين بهذا القول من نصِّ على أن اشتراط النفقة والمبيت لاغٍ، وللزوجة حق المطالبة به إذا أرادت، ولها حق إسقاطه وديًّا.

الثاني: أنه حرام، ومأخذ هذا القول: أن هذا الزواج ينافي مقاصد الزواج الاجتماعية والنفسية والشرعية من المودة والرحمة والسكن وحفظ النوع الإنساني وتعهده على أكمل وجه ورعاية الحقوق والواجبات التي يولدها عقد الزواج الصحيح، والعبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني.

٢ - أنه مخالف لنظام الزواج الذي جاءت به الشريعة ولم يكن المسلمون يعرفون مثل هذا النوع في زواجهم.

٣ - تضمنه بعض الشروط التي تخالف مقصود العقد.

٤ - بالإضافة إلى أنه سيكون مدخلًا للفساد والإفساد، فإنه يتساهل فيه في تقدير المهر، ولا يتحمل الزوج مسئولية الأسرة، وقد يكون سرًا أو بغير ولي.


(١) «مستجدات في الزواج والطلاق» لأسامة الأشقر (ص: ١٧٤)، وما بعدها بتصرف.
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (٥٢١٢)، ومسلم (١٤٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>