للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقوَّم بمال ما دام قد حصل به التراضي، وهذا مذهب الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور والأوزاعي والليث وابن المسيب وغيرهم وأجاز ابن حزم كل ما له نصف ولو حبة شعير (١)، ويؤيد عدم تحديد أقل المهر:

(أ) عموم قوله تعالى: {وأحل لكم ما وراء ذالكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين} (٢). وهو يتناول قليل المال وكثيره.

(ب) قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد أن يتزوج الواهبة: "هل عندك من شيء؟ " قال: لا، قال: "اذهب فاطلب ولو خاتمًا من حديد" ... الحديث (٣) فدلَّ على أن المهر يصح بكل ما يطلق عليه اسم المال.

* بل يصح الصداق بكل ما له قيمة حسيَّة أو معنوية: وهذا "هو الذي تجتمع به الأدلة ويتفق مع المعنى الصحيح لمشروعية المهر، إذ ليس المقصود من المهر العوض المالي فحسب، وإنما هو رمز للرغبة وصدق النية في الاقتران، فيكون بالمال غالبًا، وبكل ماله قيمة معنوية، ما دامت قد رضيت بذلك الزوجة" (٤).

وقد صحَّ أن النبي صلى الله عليه وسلم زوَّج رجلًا بما معه من القرآن، وتزوَّج أبو طلحة أم سليم، وكان مهرها إسلامه، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم عتق صفية صداقها، فكان ما يحصل للمرأة من انتفاعها بالقرآن والعلم وإسلام الزوج، وانتفاعها بحريتها وملكها لرقبتها صداقًا لها إذا رضيت به، فإن الصداق -في الأصل- حق للمرأة تنتفع به (٥).

* المغالاة في المهور (٦):

ليس من الإسلام تلك النظرة المادية التي تسيطر على أفكار طائفة من الناس، فيغالون في المهور، حتى إنه لا يكاد يخرج بعضهم من عقد الزواج إلا وهم


(١) «المغني» (٧/ ٤٨)، و «الإنصاف» (٩/ ٢٤٩)، و «الحاوي» (١٢/ ١١)، و «تكملة المجموع» (١٥/ ٤٨٢)، و «المحلي» (٩/ ٤٩٤ - وما بعدها)، وقال الشافعي: لا يجب أن يقل عن مهر المثل، وخالفه الجمهور وكثير من أصحابه وانظر «الأم» (٥/ ٦٦).
(٢) سورة النساء: ٢٤.
(٣) صحيح: تقدم كثيرًا.
(٤) «فقه الزواج» للسدلان (ص ٢٦).
(٥) انظر «زاد المعاد» لابن القيم (٥/ ١٧٨ - ١٧٩) ط. الرسالة.
(٦) «الزواج والمهور» للمسند (ص ٥٧ - ٥٨)، و «من قضايا الزواج» لجاسم الياسين (ص ٧٠ - ٧٢)، عن «فقه الزواج للسدلان» (ص ٢٨ - ٤٣)، وكتابي «فقه السنة للنساء» (ص: ٣٩٢ - ٣٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>